الثّواب، والمراد بالرّضوان أي: أن يرضى الله عنهم. والمعنى: ولا تحلّوا قوما قاصدين المسجد الحرام، وهم الحجّاج، والعمّار، ممّن صفتهم أنّهم يطلبون فضل الله ورضوانه أي: لا تتعرضوا لهم، فأمّا من قصد المسجد الحرام ليلحد فيه، أو ليشرك عنده، أو ليكفر به، فهذا يمنع ويتعرض له. وقد حكى ابن جرير الإجماع على أنّ المشرك يجوز قتله إذا لم يكن له أمان وإن أمّ البيت الحرام، أو بيت المقدس وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا. أي: إذا فرغتم من إحرامكم، وخرجتم منه، وأحللتم، فقد أبحنا لكم ما كان محرّما عليكم في حال الإحرام من الصيد. وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ. أي: ولا يحملنّكم شَنَآنُ قَوْمٍ. أي: شدّة بغضهم أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ. أي: لكونهم منعوكم عن المسجد الحرام أَنْ تَعْتَدُوا. أي: أن تنتقموا منهم بإلحاق مكروه بهم لم يأذن به الله. قال بعض السلف: ما عاملت من عصى الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه. وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى البر: كلمة شاملة فسرتها آية البر في سورة البقرة، وفسرها الحديث الشريف «والبر ما اطمأنت إليه النفس ... » والتقوى هي البرّ. وكلمات المفسّرين في تفسيرهما هنا متقاربة، فمنهم من قال: البرّ هنا: فعل الخير، والتقوى: ترك المنكرات. ومنهم من قال: البرّ: العفو.
والتقوى والإغضاء. ومنهم من قال: البرّ: فعل المأمور. والتقوى: ترك المحظور.
والمراد بهما- والله أعلم- ما يعم كل برّ، وكل تقوى، على أوسع مدلولاتهما، فيدخل فيهما تبعا ما له علاقة في السياق، من العفو، وترك الانتصار وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ فسّر عليه وآله الصلاة والسلام الإثم بأنه: ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس. قال ابن جرير: في تفسير الإثم والعدوان: الإثم: ترك ما أمر الله بفعله، والعدوان: مجاوزة ما فرض الله عليكم في أنفسكم وفي غيركم.
ويدخل في هذا النهي آلاف الصّور، إذ العلاقات الاجتماعية في الغالب إمّا تعاون على البرّ والتقوى، أو تعاون على الإثم والعدوان، على أي مستوى من مستويات التعامل.
وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ لمن عصى وما اتقى، وتعاون على غير البر والتقوى.
[فوائد]
١ - [تقلّد القلائد عند أهل الجاهلية للأمن]
«كان أهل الجاهلية إذا خرجوا من أوطانهم في غير الأشهر الحرم قلّدوا