أن المنافقين ينادون المؤمنين ويذكرونهم بهذه المعية الكاذبة في الدنيا، كما ذكرت أنهم لا يستفيدون منها.
٥ - ثم تأتي فقرة جديدة نقدم لها بما يلي:
في مقدمة سورة البقرة كلام عن الإيمان كركن في التقوى، وعن الإنفاق كركن في التقوى، ويقابل قضية الإيمان الكفر كرفض صريح للإيمان، والنفاق كرفض للإيمان مع ادعاء له، وسورة الحديد حتى نهاية المجموعة الثانية التي مرت معنا أمرت بالإيمان، وأمرت بالإنفاق كعلامة على الإيمان، وتحدثت عن النفاق والكفر
ضمن سياق الأمر بالإيمان والإنفاق كما رأينا، وبذلك عرفنا تفصيلات عن ركنين في التقوى، وعما يقابل ذلك وكل ذلك قد مر معنا في الفقرة الأولى من المقطع، وها هي الفقرة الثانية تبدأ معاتبة من لم يخشع قلبه للقرآن، ولذلك صلة بقوله تعالى في المحور: الم* ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ ثم تعود للكلام عن الرسل والكتب والقدر ولذلك صلته بقوله تعالى: الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ كما تتحدث عن الإنفاق في سياق ذلك. إن سورة الحديد تفصيل جديد لمقدمة سورة البقرة: يبدأ من نقطة البداية؛ التعريف على الله الذي يستتبع إيمانا، وإنفاقا، وجهادا، واهتداء بكتاب الله، وبعدا عن الصوارف التي تصرف عن ذلك، فلنر الفقرة الثانية من المقطع ولنا عودة على السياق.
[الفقرة الثانية]
[تفسير مقدمة الفقرة الثانية]
أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أي: ألم يحن للذين آمنوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ أي: القرآن وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ أي: القرآن سماه ذكرا، ووصفه بالحق النازل من السماء لأنه جامع للأمرين للذكر والموعظة، وأنه حق نازل من السماء. قال ابن كثير:(يقول تعالى: أما آن للمؤمنين أن تخشع قلوبهم لذكر الله، أي: تلين عند الذكر والموعظة وسماع القرآن، فتفهمه وتنقاد له وتسمع له وتطيعه) وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ أي: من قبل القرآن كاليهود والنصارى فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ أي: الأجل أو الزمان فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ فلم يعد يؤثر فيها كتاب الله بسبب اتباعهم الشهوات. قال ابن كثير: (نهى الله تعالى المؤمنين أن يتشبهوا بالذين حملوا الكتاب من قبلهم من اليهود والنصارى، لما تطاول عليهم الأمد بدلوا كتاب الله