مع إقامة شعائر العبادة لإصلاح قلوب الناس. فهما طرفان للمنهج الذي تصلح به الحياة والنفوس إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ.
يشير إلى هذه الحقيقة .. حقيقة أن الاستمساك الجاد بالكتاب عملا وإقامة الشعائر عبادة هما أداة الإصلاح الذي لا يضيع الله أجره على المصلحين.
وما تفسد الحياة كلها إلا بترك طرفي المنهج الرباني .. ترك الاستمساك الجاد بالكتاب وتحكيمه في حياة الناس وترك العبادة التي تصلح القلوب فتطبق الشرائع دون احتيال على النصوص كالذي يصنعه أهل الكتاب وكالذي يصنعه أهل كل كتاب حين تفتر القلوب عن العبادة فتفتر عن تقوى الله ..
إنه منهج متكامل. يقيم الحكم على أساس الكتاب ويقيم القلب على أساس العبادة ومن ثم تتوافى القلوب مع الكتاب، فتصلح القلوب وتصلح الحياة.
إنه منهج الله لا يعدل عنه ولا يستبدل به منهجا آخر، إلا الذين كتبت عليهم الشقوة وحق عليهم العذاب).
[فوائد]
١ - عرفنا من هذه الآيات عقوبة من عقوبات الانحراف عن أمر الله وهديه المنزل أن يسلط على الأمة التي تنحرف عن أمره غيرها يسومها سوء العذاب ويشتتها ويفرقها.
وهذا ما حدث لليهود، ما مر جيل إلا وقد سلط الله عليه من يسومه سوء العذاب، وما جرى على يد هتلر لهم ليس بعيدا وما سيجري لهم على أرض فلسطين بإذن الله، سيكون استمرارا لهذه السنة وهذه بشارة عظيمة لنا إذا أقمنا أمر الله. ولم نكن مثلهم بالانحراف عن أمر الله. وما سلطوا علينا الآن إلا لأننا ماثلناهم في الانحراف عن أمر الله.
٢ - ومن قوله تعالى وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ نفهم أن هذا العقاب لهم كان معلوما لديهم بإعلام الله لهم، ومن مراجعة الأسفار الخمسة الأولى في العهد القديم- أسفار موسى- نجد هذا الإعلام واضحا في أكثر من مكان، ومن ذلك ما ورد في الإصحاح السادس والعشرين من سفر اللاويين، وتكاد الآيات التي مرت معنا أن تحصي الكثير منه وهذا هو (لكن إن لم تسمعوا لي ولم تعملوا كل هذه الوصايا.