سورة الحج تفصل قوله تعالى في سورة البقرة يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ فهي مثل سورة النساء، ومثل سورة هود، إلا أن سورة النساء حددت معالم التقوى، وسورة هود حددت معالم العبادة، وسورة الحج تهيج على التقوى وتبعث عليها:
ولاحظ بداية سورة الحج: يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ* يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى وَلكِنَّ عَذابَ اللَّهِ شَدِيدٌ وكما تهيج سورة الحج على التقوى فإنها تدل على منعرجات الطريق ومزالقه، وعلى الصوارف، وأمثال ذلك مما سنراه.
كما لاحظ أنه في القسم الأول الذي هو السبع الطوال لم يرد معنا إلا سورة واحدة مبدوءة ب يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ وهي سورة النساء.
وأن في القسم الثاني الذي هو الثلث الثاني من القرآن بمجموعاته الثلاث لم ترد إلا هذه السورة مبدوءة بهذا الخطاب يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ ومن ثم فإن التأمل الدقيق لمعاني هذه السورة مهم في موضوع بناء التقوى، كما أن التأمل الدقيق في سورة النساء في القسم الأول مهم في الموضوع نفسه.
...
نلاحظ أن السورة تتكرر فيها يا أَيُّهَا النَّاسُ* أربع مرات: في الآية الأولى يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ وفي الآية الخامسة يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ... وفي الآية (٤٩) قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ وفي الآية (٧٣) يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ