والأيام، والساعات. وقال ابن عباس فيها: نعدّ لهم أنفاسهم في الدنيا
يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً. قال ابن كثير: والوفد هم القادمون ركبانا، ومنه الوفود، وركوبهم على نجائب من نور من مراكب الدار الآخرة، وهم قادمون على خير موفود إليه، إلى دار كرامته ورضوانه، وأما المجرمون المكذبون للرسل المخالفون لهم فإنهم يساقون عنفا إلى النار عطاشا.
قال تعالى: وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ أي الكافرين، وفي ذكر السوق إشارة إلى أنهم كالأنعام يساقون إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً أي عطاشا، لأن من يرد الماء لا يرده إلا لعطش، وحقيقة الورد: المسير إلى الماء، فيسمى به الواردون فالورد جمع وارد، ذكر المتقون بأنهم يفدون إلى ربهم الذي غمرهم برحمته، كما يفد الوفود على الملوك تبجيلا لهم، والكافرون بأنهم يساقون إلى النار كأنهم نعم عطاش تساق إلى الماء، استخفافا بهم
لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ أي لا يجدون من يشفع لهم، ولا يستطيعون أن يشفعوا لغيرهم، كما يشفع المؤمنون بعضهم لبعض، إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً بأن آمن وشهد ألا إله إلا الله، فهذا يملك أن يشفع بإذن الله أو يشفع له بإذن الله.
[تفسير المجموعة الرابعة]
وَقالُوا أي النصارى، وكذلك من زعم أن عزيرا ابن الله، ومن زعم أن الملائكة بنات الله اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً وهو قول لا يقوم عليه دليل، وهو في منتهى الفظاعة؛ ولذلك قال الله تعالى:
لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا أي عجيبا عظيما منكرا
تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ أي يتشققن وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ أي من فظاعة هذا القول، تكاد تنخسف، وتنفصل أجزاؤها وَتَخِرُّ أي تسقط الْجِبالُ هَدًّا أي كسرا أو قطعا، أو هدما، أي يكاد يكون ذلك عند سماعهن هذه المقالة من فجرة بني آدم؛ إعظاما للرب وإجلالا، لأنهن مخلوقات ومؤسسات على توحيده، وأنه لا إله إلا هو وأنه لا شريك له، ولا نظير له، ولا ولد له، ولا صاحبة له، ولا كفء له، بل هو الأحد الصمد، ومن ثم فإنهن يكدن يحدث لهن ما وصف لفظاعة هذا القول:
أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً أي لأن سمّوا لله ولدا
وَما يَنْبَغِي أي وما يصلح وما يتأتى لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً أي لا يصلح له ولا يليق به؛ لجلاله وعظمته أن يتخذ ولدا، وهذا لأن اتخاذ الولد لحاجة، ومجانسة وهو منزه عنهما. قال النسفي: وفي اختصاص الرحمن وتكريره مرات بيان أنه الرحمن وحده، لا يستحق هذا الاسم غيره،