للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تفسير المجموعة السابعة]

أَلَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ أي: محمدا صلّى الله عليه وسلم أو كل من اتصف بصفة العبودية له سبحانه. قال ابن كثير: (يعني أنه تعالى يكفي من عبده وتوكّل عليه) وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ يعني: المشركين يخوّفون الرسول صلّى الله عليه وسلم، ويتوعّدونه بأصنامهم وآلهتهم التي يدعونها معه دون الله، جهلا منهم، وضلالا، ودخل في ذلك كل تخويف بغير الله يخوّفه أحد عبدا من عباد الله وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ* وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقامٍ؟ أي: أليس الله منيع الجانب، لا يضام من استند إلى جنابه، ولجأ إلى بابه؟! فإنه العزيز الذي لا أعزّ منه، ولا أشدّ انتقاما منه، ممّن كفر به وأشرك، وعاند رسوله صلّى الله عليه وسلم، وفي الآية وعيد للكافرين، ووعد للمؤمنين، بأنه ينتقم لهم منهم، وينصرهم عليهم،

وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ كائنا ما كان هَلْ هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ أي: دافعات شدّته عنّي أَوْ أَرادَنِي بِرَحْمَةٍ كائنة ما كانت هَلْ هُنَّ مُمْسِكاتُ رَحْمَتِهِ أي: هي لا تستطيع شيئا من الأمر، وقد جاء هذا في سياق تخويفهم إيّاه بمن دون الله، فأمره أن يقررهم أولا بأن حالق العالم هو الله وحده، ثمّ يقول لهم بعد التقرير فإن أرادني خالق العالم الذي أقررتم به بضرّ أو برحمة هل يقدرون على خلاف ذلك؟

فلمّا أفحمهم قال الله تعالى قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ كافيا لمضرة أوثانكم وأصنامكم وآلهتكم عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ لأنّه وحده أهل لأن يتوكل عليه، توكّلنا عليك ربنا،

ثمّ أمر الله عزّ وجلّ رسوله صلّى الله عليه وسلم الأمر الأخير في المقطع قُلْ يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ أي:

على حالكم التي أنتم عليها وجهتكم من العداوة التي تمكّنتم منها، والمكانة والمكان بمعنى واحد، أي: اعملوا على طريقتكم وهذا تهديد ووعيد إِنِّي عامِلٌ أي: على مكانتي وطريقتي ومنهجي فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ

مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ أي: يذله في الدنيا وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ أي: دائم مستمر لا محيد له عنه، وذلك يوم القيامة، وفي الآية أمر بالتوعّد بكونه منصورا عليهم، غالبا عليهم في الدنيا والآخرة؛ لأنهم إذا أتاهم الخزى والعذاب فذاك عزّه وغلبته، من حيث إن الغلبة تتم له بعزّ عزيز، يعز أولياءه، ويذلّ أعداءه، وبهذا انتهى المقطع الأول.

<<  <  ج: ص:  >  >>