كلها كالحسد وغيره إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ. أي: يوم القيامة بِما كانُوا يَقْتَرِفُونَ. أي: بما كانوا يكتسبون في الدنيا
وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ. أي: عند الذبح وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ. أي: وإنّ أكله لفسق وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ. أي: ليوسوسون إلى أوليائهم من الكافرين والمشركين لِيُجادِلُوكُمْ. أي: ليناقشوكم وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ في استحلال ما حرّمه الله إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ لأنّ من اتبع غير الله في دينه فقد أشرك به.
تعليق:[على قوله تعالى وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ .. ]
إن هذه الآيات توضح كيف أن الإيمان بالله له مستلزماته وله مقتضياته، وأن الإيمان بالله يقتضي إيمانا بشريعته وتسليما لها، ورفضا لشرائع غيره لاحظ قوله تعالى: وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ لِيُجادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ هذا النص كما سنرى في الفوائد نزل في مناقشة الكافرين للمسلمين في شأن شريعة الذبائح، فإذا كان هذا هو الشأن فأي غفلة غفلها المسلمون حتى استطاع أعداؤهم أن يخدعوهم عن شريعة الله تحت شعارات العلمانية، وفصل الدين عن الدولة، وإبعاد
الدين عن السياسة؟ أي خديعة هذه الخديعة؟ حتى أصبحت الدساتير والقوانين والأعراف والقيم والتصورات وغير ذلك لا تنضبط بإسلام، ولا تحكم به، ولا تبالي.
ألا ما أكثر الدوائر التي تسهر على هذا وتعمل له، وما أكثر الذين يساعدون هذه الأوضاع على الاستمرار، وما أكثر الذين يبررون لأنفسهم القعود عن العمل لتغيير هذه الأوضاع، بل ما أكثر الذين يبررون لأنفسهم مسايرة هذه الأوضاع والتعاون معها.
وفي كثير من الأحيان تتظاهر الدوائر الماكرة- وهي تجهد لتعطيل الإسلام وإحلال غيره محله- أنها تحترم الدين ولا تحاربه، وهو أسلوب أثبت قدرته على إنهاء الدين وتجميده بحيث لم يفقه في ذلك إلا الأسلوب الشيوعي حديثا، وأسلوب محاكم التفتيش قديما. يقول صاحب الظلال:
«وإن كان ينبغي أن ندرك دائما أسلوب الجاهلية التي تقيم نظاما أرضيا، الحاكمية فيه للبشر لا لله ثم تزعم أنها تحترم الدين وتستمد منه أوضاعها الجاهلية .. أن ندرك أن هذا الأسلوب من أخبث الأساليب وأمهرها على الإطلاق! ولقد عمدت الصليبية العالمية والصهيونية العالمية إلى هذا الأسلوب في المنطقة التي كانت يوما تحكم بشريعة الله بعد ما تبين لها فشل التجربة التركية التي قام بها البطل الذي صنعوه