فهل يمكن لعاقل أن يتصور أن مثل هذه الصورة يمكن أن تخطر بقلب إنسان، اللهم إنا نشهد أن هذا الكتاب كتابك، وأن محمدا صلّى الله عليه وسلّم رسولك.
٥ - [روايات حول كون آخر آية نزلت من القرآن هي فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ .. ]
أخرج ابن جرير بسنده إلى عمرو بن قيس الكندي: أنه سمع معاوية بن أبي سفيان تلا هذه الآية فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ الآية وقال إنها آخر آية نزلت من القرآن، وهذا أثر مشكل فإن هذه الآية آخر سورة الكهف، والكهف كلها مكية، ولعل معاوية أراد أنه لم ينزل بعدها آية تنسخها، ولا تغير حكمها، بل هي مثبتة محكمة، فاشتبه ذلك على بعض الرواة، فروى بالمعنى على ما فهمه والله أعلم.
بمناسبة قوله تعالى: فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً يذكر ابن كثير مجموعة أحاديث وآثار ننقلها كلها: «وقد روى ابن أبي حاتم من حديث معمر عن عبد الكريم الجزري عن طاوس قال: قال رجل: يا رسول الله: إني أقف المواقف أريد وجه الله، وأحب أن يرى موطني، فلم يرد عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم شيئا، حتى نزلت هذه الآية فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً وهكذا أرسل هذا مجاهد وغير واحد، وقال الأعمش ... عن شهر بن حوشب قال جاء رجل إلى عبادة بن الصامت فقال: أنبئني عما أسألك عنه: أرأيت رجلا يصلي يبتغي وجه الله، ويحب أن يحمد، ويصوم ويبتغي وجه الله، ويجب أن يحمد، ويتصدق ويبتغي وجه الله، ويحب أن يحمد، ويحج يبتغي وجه الله، ويحب أن يحمد، فقال عبادة: ليس له شئ إن الله تعالى يقول: أنا خير شريك، فمن كان له معي شريك فهو له كله لا حاجة لي فيه. وروى الإمام أحمد ... عن أبي سعيد الخدري قال: كنا نتناوب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فنبيت عنده تكون له الحاجة، أو يطرقه أمر من الليل، فيبعثنا، فكثر المحتسبون (أي الضيوف) وأهل النوب، فكنا نتحدث، فخرج علينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال:«ما هذه النجوى؟» ألم أنهكم عن النجوى؟ قال: فقلنا تبنا إلى الله أي نبي الله، إنما كنا في ذكر المسيح (وهو الدجال) وفرقنا منه فقال: «ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم من المسيح عندي؟» قال: قلنا: بلى. قال:«الشرك الخفي أن يقوم الرجل يصلي لمكان الرجل» وروى الإمام أحمد عن ابن غنم قال: لما دخلنا مسجد الجابية، أنا وأبو الدرداء، لقينا عبادة بن الصامت، فأخذ يميني بشماله، وشمال أبي الدرداء بيمينه، فخرج يمشي بيننا، ونحن نتناجى، والله أعلم بما نتناجى به، فقال عبادة بن الصامت: إن طال بكما