للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من كلام النسفي يفهم أنه يمكن أن يكون داود عليه السلام قد طلب من أوريّا أن يتنازل له عن زوجته، ويبدو أنّ هذا كان سائغا في شريعتهم، ويمكن أن يكون داود عليه السلام قد همّ أن يتزوجها لو حدث لزوجها حادث، فلمّا قتل زوجها تزوّجها دون أن يكون رغب في قتل زوجها، أو دفعه إلى موقف يقتل فيه حاشاه عليه السلام.

فعاتبه الله عزّ وجل على مدّه بصره إلى ملك الآخرين والله أعلم.

ولنتذكر دائما ما يقوله النقاد الغربيون أنفسهم من أن أسفار العهد القديم لا يوجد فيها سفر يصمد على النقد إلا سفر إرميا، ونحن نشكك حتى في سفر إرميا لأنه لم يرد إلينا بسند صحيح.

٥ - [حول سجدة سورة (ص) أهي سجدة شكر أم من العزائم؟]

بمناسبة قوله تعالى: وَظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ راكِعاً وَأَنابَ نقول: هاهنا سجدة من السجدات القرآنية عند أبي حنيفة ومالك، وبمناسبة الآية قال ابن كثير:

(وقد اختلف الأئمة في سجدة (ص) هل هي من عزائم السجود؟ على قولين الجديد مذهب الشافعي رضي الله عنه أنها ليست من عزائم السجود، بل هي سجدة شكر. والدليل على ذلك ما رواه الإمام أحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في السجدة: (ص) ليست من عزائم السجود، وقد رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يسجد فيها، ورواه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي في تفسيره من حديث أيوب به وقال الترمذي: حسن صحيح. وروى النسائي أيضا عند تفسير هذه الآية عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إن النبي صلّى الله عليه وسلم سجد في (ص) وقال:

«سجدها داود عليه السلام توبة، ونسجدها شكرا» تفرّد بروايته النسائي، ورجال إسناده كلهم ثقات. وقد أخبرني شيخنا الحافظ أبو الحجاج المزي قراءة عليه وأنا أسمع ... عن الحسن بن محمد بن عبيد الله بن أبي يزيد قال: قال لي ابن جرير يا حسن حدثني جدّك عبيد الله بن أبي يزيد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاء رجل إلى النبي صلّى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني رأيت فيما يرى النائم كأني أصلي خلف شجرة، فقرأت السجدة فسجدت، فسجدت الشجرة بسجودي، فسمعتها تقول وهي ساجدة: اللهم اكتب لي بها عندك أجرا، واجعلها لي عندك ذخرا، وضع بها عني وزرا، واقبلها مني كما قبلتها من عبدك داود. قال ابن عباس رضي الله عنهما فرأيت النبي صلّى الله عليه وسلم قام فقرأ السجدة ثم سجد فسمعته يقول وهو ساجد كما حكى الرجل من

<<  <  ج: ص:  >  >>