لا يصح سنده لأنه من رواية يزيد الرقاشي عن أنس رضي الله عنه ويزيد- وإن كان من الصالحين- لكنه ضعيف الحديث عند الأئمة، فالأولى أن يقتصر على مجرد تلاوة هذه القصة وأن يرد علمها إلى الله عزّ وجل فإن القرآن حق وما تضمّن فهو حق أيضا).
أقول: في الإصحاح الحادي عشر والثاني عشر من سفر صموئيل الثاني تذكر قصة فيها بعض كلمات القصة القرآنية، وفيها رجاسات اليهود، إذ يذكر الإصحاح الحادي عشر أن داود زنى بامرأة (أوريّا) قائده في حياة أوريّا، ودفع بأوريّا ليقتل. ثم يذكر الإصحاح الثاني عشر ضمّ داود زوجة أوريا إليه، وعتاب ناثان النبي له على ذلك.
ويذكر الإصحاح هنا فكرة النعجة الواحدة والنعاج الكثيرة. وكثير ممّا ذكر في كتب العهد القديم أو الجديد كلام لا قيمة له من الناحية العلمية؛ إذ يخالف الحقّ الذي أنزله الله في القرآن، ويكفي لرفضه، ومعرفة قيمته الخسيسة، ذكر أن داود عليه السلام زنى بامرأة أوريا في حياة زوجها، وزوجها يقاتل في سبيل الله، ممّا لا يفعله أخسّ الخلق- فعليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين- بما يفترون على رسل الله. وقد حاول النسفي أن يستشف ما يمكن أن تكون الحادثة في إطارها اللائق في حق الأنبياء وسننقل كلامه فيما بعد، ونكتفي هنا بأن ننقل خاتمة كلامه:
قال رحمه الله:
(وما يحكى أنه بعث مرة بعد مرة أوريا إلى غزوة البلقاء وأحب أن يقتل ليتزوجها، فلا يليق من المتّسمين بالصلاح من أفناء المسلمين فضلا عن بعض أعلام الأنبياء، وقال علي رضي الله عنه: من حدّثكم بحديث داود عليه السلام- على ما يرويه القصاص- جلدته مائة وستين، وهو حد الفرية على الأنبياء، وروي أنه حدّث بذلك عمر بن عبد العزيز، وعنده رجل من أهل الحق، فكذّب المحدّث به وقال: إن كانت القصة على ما في كتاب الله، فما ينبغي أن يلتمس خلافها، وأعظم بأن يقال غير ذلك، وإن كانت على ما ذكرت، وكفّ الله عنها سترا على نبيه، فما ينبغي إظهارها عليه، فقال عمر: لسماعي هذا الكلام أحب إلي مما طلعت عليه الشمس، والذي يدل عليه المثل الذي ضربه الله بقصته عليه السلام ليس إلا طلبه إلى زوج المرأة أن ينزل له عنها فحسب، وإنما جاءت على طريق التمثيل والتعريض دون التصريح؛ لكونها أبلغ في التوبيخ من قبل أن التأمل إذا أداه إلى الشعور بالمعرّض به كان أوقع في نفسه، وأشد تمكنا من قلبه، وأعظم أثرا فيه، مع مراعاة حسن الأدب بترك المجاهرة).