للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النظريات، فمرجع أكثر النار في العالم إلى الشجر أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ أي: أأنتم الخالقون للشجر ابتداء، أم نحن الخالقون لها ابتداء

نَحْنُ جَعَلْناها أي: النار تَذْكِرَةً أي: تذكيرا بنار جهنم حيث علقنا بها أسباب المعاش، وعممنا بالحاجة إليها البلوى، لتكون حاضرة للناس ينظرون إليها ويذكرون ما أو عدوا به وَمَتاعاً لِلْمُقْوِينَ أي: ومنفعة للمسافرين النازلين في القفر، أو للذين خلت بطونهم أو مزاودهم من الطعام، وقال مجاهد: (أي للحاضر والمسافر لكل طعام لا يصلحه إلا النار، وقال مجاهد: يعني المستمتعين من الناس أجمعين) قال ابن كثير: (وهذا التفسير أعم من غيره؛ فإن الحاضر والبادي من غني وفقير الجميع محتاجون إليها للطبخ والاصطلاء والإضاءة، وغير ذلك من المنافع ... ) أقول: هي متاع للخلق أجمعين، ولكن المتاع في حق المسافرين أظهر عند ما يجتاحهم البرد، وبهذا أقام الله عزّ وجل حجة رابعة على أنه هو الخالق بإنشائه الشجر الذي هو أصل لمعظم النار في العالم،

ثم ختم الله تعالى هذه المجموعة بقوله: فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ أي فنزه ربك عما لا يليق به- أيها المستمع المستدل- عن جحود الجاحدين قياما بحق ربوبيته، وتمجيدا له على إنعامه، رتب التسبيح على ما عدد من بدائع صنعه، وودائع نعمه، وعوائد إحسانه، قال النسفي: (بدأ بذكر خلق الإنسان فقال: أَفَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ لأن النعمة فيه سابقة على جميع النعم ثم بما فيه قوامه وهو الحب فقال: أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ ثم بما يعجن به ويشرب عليه وهو الماء، ثم بما يخبز به وهو النار، فحصول الطعام بمجموع الثلاثة، ولا يستغني عنه الجسد ما دام حيا). أقول: ثم رتب على ذلك أن أمر بالتسبيح. لاحظ صلة ذلك بمحور السورة: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ... هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً.

[كلمة في السياق]

١ - نلاحظ أن محور السورة جاء في سياق قوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ* الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً وَالسَّماءَ بِناءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ والملاحظ أنه بنى في هاتين الآيتين على كونه الخالق ضرورة عبادته وتقواه ووجوب توحيده، والملاحظ في المجموعة التي مرت معنا أنه قد ذكر فيها أنه الخالق، وبنى على ذلك وجوب الإيمان فَلَوْلا تُصَدِّقُونَ ووجوب الشكر

<<  <  ج: ص:  >  >>