للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن ثمّ تأتي القصة لتعرّفنا على أدب تلقي الحكمة من الله تعالى وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ، وجاءت لترينا نماذج من حكمة الحكماء كنموذج على انطباق حكمة الحكماء مع ما أمر به القرآن، وكنموذج على الحكمة في هذا القرآن أصلا. وتأتي القصة لترينا أدب الحكماء في نشر الحكمة وتعميمها. وفي ذلك إشارة إلى أن القرآن يجب أن يوصى به، وأن ينشر ويبلّغ. ومن ثمّ فإنّ قصّة لقمان عليه السلام التي تشكل المقطع الثاني في سورة لقمان تأتي لتخدم سياق السورة الخاص والعام من جوانب متعدّدة فلنرها:

[التفسير]

وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ وهي الإصابة في القول والعمل كما قال النسفي.

وقال ابن كثير: أي الفهم والعلم والتدبير أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ أي أمرناه أن يشكر الله عزّ وجلّ على ما آتاه الله ومنحه، ووهبه من الفضل الذي خصّصه به عمّن سواه من أبناء جنسه، وأهل زمانه وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ أي إنما يعود نفع ذلك وثوابه إليه وَمَنْ كَفَرَ أي النعمة فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ أي غير محتاج إلى الشكر حَمِيدٌ أي حقيق بأن يحمد

وإن لم يحمده أحد. قال ابن كثير:

(أي غني عن العباد لا يتضرّر بذلك ولو كفر أهل الأرض كلهم جميعا؛ فإنه الغني عما سواه، فلا إله إلا الله ولا نعبد إلا إيّاه).

[كلمة في السياق]

في قوله تعالى: وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ إشارة إلى أنه ليس بدعا أن ينزل الله هذا القرآن الحكيم، فإن من سنّته أن يختار من يشاء فيعطيه الحكمة. وفي ذلك إشارة إلى أن من أخذ القرآن الحكيم فإنه يؤتى الحكمة كما أوتي لقمان عليه السلام.

وفي قوله تعالى: أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ تصريح بأن إيتاء الله الحكمة يقتضي شكرا، وهذا يفيد أن علينا أن نقابل نعمة الله علينا بهذا القرآن الحكيم بأن نشكر الله، وأن شكر ذلك عائد نفعه إلينا، أما الله عزّ وجل فغني عن العالمين. وبعد الآية الأولى من قصة لقمان عليه السلام يعرض الله علينا وصية لقمان لابنه. وهذا يفيد أن من الشكر لنعمة إيتاء الحكمة أن يوصي الإنسان بها أولاده ويربيهم عليها. وفي ذلك درس لنا، أن علينا أن نربي أولادنا على أخذ هذا القرآن والعمل به، فذلك من جملة الشكر على النعمة،

<<  <  ج: ص:  >  >>