المطلوب منه المعونة عَلى ما تَصِفُونَ أي على ما تقولون وتفترون من الكذب.
قال صاحب الظلال: عند هذه الآية (يتوجه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى ربه، وقد أدى الأمانة، وبلغ الرسالة، وآذنهم على سواء، وحذرهم بغتة البلاء .. يتوجه إلى ربه الرحمن يطلب حكمه الحق بينه وبين المستهزئين الغافلين، ويستعينه على كيدهم وتكذيبهم، وهو وحده المستعان.
قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمنُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ وصفة الرحمة الكبيرة هنا ذات مدلول. فهو الذي أرسله رحمة للعالمين فكذب به المكذبون واستهزأ به المستهزءون وهو الكفيل بأن يرحم رسوله ويعينه على ما يصفون.
وبعد ذلك جاء قوله تعالى على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم: قالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ثم لم ترد كلمة (قال) إلا في الآية الأخيرة:
قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمنُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ وما بين ذلك عرض لتتمة أقوالهم ورد لها لتقوم عليهم الحجة فماذا نفهم من ذلك كله؟ إن محور السورة هو قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ* خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ
جاءت مقدمة السورة لتبين حال هؤلاء عند الإنذار مما يدل على أنهم لا يستفيدون منه. ثم جاءت الآية المبدوءة بقوله تعالى: قالَ ثم سار السياق حتى آخر آية وهي مبدوءة بقوله تعالى: قالَ مما يشير إلى: أنه مع هذا النوع من الكافرين علينا أن نقول شيئين: رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمنُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ هذا هو الموقف المكافئ لوضع هذا النوع من الكافرين.
ولكن ما بين القولين رد وإقامة حجة، مما يدل على أنه حتى مع الذين علمنا يقينا