للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ مِنْ بَعْدِ ما أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولى بَصائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ لاحظ قوله تعالى: لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ وختمت الآيات السابقة بقوله تعالى وَلكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ فالحكمة واحدة من بعثة موسى عليه السلام، وإنزال الكتاب عليه ومن بعثة محمد صلى الله عليه وسلم وإنزال الكتاب عليه، وقد أقام الله عزّ وجل الحجة على رسالة محمد صلى الله عليه وسلم بالآيات السابقة، فكأن قصة موسى كانت المقدمة لهذه الآيات

لإثبات رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، فهذا القرآن الذي يقص علينا أدق التفاصيل عن قصص الأنبياء السابقين ما كان ليكون كذلك لولا أنه من عند الله، أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم لأن من سنته الإرسال وَلكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ ومن أجل أن ينذر به. وصلة ذلك بمحور السورة تِلْكَ آياتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ واضحة، وبهذه المناسبة نحب أن نسجل هذه الملاحظة حول السياق القرآني:

[ملاحظة]

من خلال دراسة قصة موسى في سورة القصص، نلاحظ أن القرآن يقص علينا أدق التفاصيل عن بعض الأمور بما تكتمل به تصوراتنا في شأن النبوة ونفهم به معنى الرسالات، ونعرف به سنن الله عزّ وجل، ونجد أن كل شئ في هذا المقام يصب في المصب نفسه الذي تصب به كل آيات القرآن، فإن تجد مثل هذا التكامل، وأن تجد مثل هذا الجلال الذي تعرف به كمال الرسل عليهم الصلاة والسلام، دون إخلال، فذلك علامة من علامات كون هذا القرآن من عند الله، بينما لا تجد مثل هذا في الكتب السابقة التي داخلها التحريف والتبديل، ومن ثم تجد كثيرا من التفصيلات في القرآن مما يساعد على استكمال التصورات الصحيحة مما لا تجده في الكتب السابقة، إما بسبب من كمال القرآن، أو بسبب من عدم وصول هذه الكتب إلينا على الكمال والتمام، ولنعد إلى السياق فإن الله عزّ وجل يكمل الكلام عن الحكمة في إرسال محمد صلى الله عليه وسلم والحجة فيها، وهو مراد رئيسي في السورة.

وَلَوْلا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ أي عقوبة بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ من الكفر والظلم، وقد استعملت كلمة الأيدي في هذا المقام بسبب أن أكثر الأعمال تزاول بالأيدي، فنسبت كل الأعمال إليها وإن كانت من أعمال القلب تغليبا للأكثر على الأقل فَيَقُولُوا عند العذاب رَبَّنا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولًا أي وأرسلته إلينا لتقيم علينا

<<  <  ج: ص:  >  >>