٦ - [الكفر معدن الشح ولا يقوم نظام حضاري بغير إيمان بمناسبة الآية (٤٧)]
بمناسبة قوله تعالى: وَإِذا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ. قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ نقول: دل هذا النص على أن الكفر معدن الشحّ، وأنّ الحياة البشرية بدون إيمان لا يمكن أن يقوم فيها نظام اقتصادي متراحم متعاطف. ومن ثمّ نلاحظ في كل من النظامين العالميين الحاليين الشيوعي والرأسمالي أن التكافل لا يقوم إلا بسيف القانون، أما في النظام الإسلامي فسيف التشريع قائم، ومع ذلك فللتراحم البشري وللتعاطف محله، وبدون ذلك لا تستقيم الحياة البشرية، فسيف القانون لا يطول كلّ الأحوال، والتراحم والتعاطف لا يكفيان في كل الحالات.
٧ - [حول المقصود بالصيحة في آية ما يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً .. ]
ذكرنا أن ابن كثير حمل قوله تعالى: ما يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ على أن المراد بذلك النفخة الأولى وهي واحدة من ثلاث نفخات كائنات قال: (والله أعلم وهذه نفخة الفزع، ينفخ في الصور نفخة الفزع والناس في أسواقهم ومعايشهم يختصمون ويتشاجرون على عادتهم، فبينما هم كذلك إذ أمر الله عزّ وجل إسرافيل فنفخ في الصور نفخة، يطولها ويمدها، فلا يبقى أحد على وجه الأرض إلا أصغى ليتا، ورفع ليتا- وهي صفحة العنق-؛ يتسمّع الصوت من قبل السماء، ثم يساق الموجودون من الناس إلى محشر يوم القيامة بالنار، تحيط بهم من جوانبهم، ولهذا قال تعالى: فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً أي على ما يملكونه، الأمر أهم من ذلك وَلا إِلى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ وقد وردت هاهنا آثار وأحاديث ذكرناها في موضع آخر، ثم يكون بعد هذه نفخة الصعق التي تموت بها الأحياء كلهم ما عدا الحي القيوم ثم بعد ذلك نفخة البعث).
٨ - [كلام ابن كثير بمناسبة قوله تعالى لَهُمْ فِيها فاكِهَةٌ وَلَهُمْ ما يَدَّعُونَ]
بمناسبة قوله تعالى: لَهُمْ فِيها فاكِهَةٌ وَلَهُمْ ما يَدَّعُونَ. قال ابن كثير: (روى ابن أبي حاتم ... عن كريب أنه سمع أسامة بن زيد رضي الله عنهما يقول: قال رسول صلّى الله عليه وعلى آله وسلم: «ألا هل مشمر إلى الجنة؟ فإن الجنة لا خطر لها هي ورب الكعبة نور كلها يتلألأ، وريحانة تهتز، وقصر مشيد؛ ونهر مطرد، وثمرة نضيجة، وزوجة حسناء جميلة، وحلل كثيرة، ومقام في أبد في دار سلامة، وفاكهة خضرة، وخيرة ونعمة، في محلة عالية بهية» قالوا: نعم يا رسول الله نحن المشمرون لها. قال صلّى الله عليه وسلم:«قولوا إن شاء الله» فقال القوم: إن شاء الله، وكذا