وغيرهم، ولنذكر أن محور السورة هو: زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَياةُ الدُّنْيا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ وواضح أن المقطع يعطينا تصورا عن يوم القيامة، وعن فوقية المؤمنين على الكافرين فيه، وكما أن آية البقرة خدمت قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ فإن سورة الكهف خدمت ذلك الأمر وذلك النهي، والآن قد آن الأوان ليخاطب الكافرون الذين زيّنت لهم الحياة الدنيا، ويسخرون من الذين آمنوا، خطابين صريحين يشكلان جزءا من خاتمة سورة الكهف.
الخطاب الأول:
أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبادِي مِنْ دُونِي أَوْلِياءَ هذا الخطاب يحتمل معنيين الأول: لا يظن الكفار أن اتخاذهم عبادي أي: الملائكة وعيسى وغيرهم أولياء من دوني أن ذلك نافعهم. والمعنى الثاني: لا يظن الكافرون وهم قد رفضوا الدخول في الإسلام، واتبعوا خطوات الشيطان، ويسخرون من الذين آمنوا، أن يكون عبادي لهم أولياء، إن عباد الله لا يكونون أولياء للكافرين، وكيف يوالونهم وهم يرفضون الدخول في الإسلام، ويستهزءون بالإيمان وأهله، وهذا الخطاب مهم هنا، فمن زينة الحياة الدنيا الاتباع، والله عزّ وجل حرّم على المؤمنين أن يعطوا الكافرين ولاءهم، وفي ذلك إيئاس للكافرين من أن يكون لهم جاه على حساب أهل الإيمان، فما أضل من يعطي كافرا ولاءه. ثم قال تعالى: إِنَّا أَعْتَدْنا أي إنا أعددنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ نُزُلًا أي ضيافة ومنزلا. جزاؤهم في الدنيا ألا يواليهم أهل الإيمان، وجزاؤهم في الآخرة النار؛ على سلوكهم، ومحبتهم للدنيا، وسخريتهم من أهل الإيمان، ورفضهم الدخول في الإسلام، وعلى اتّباعهم خطوات الشيطان.
الخطاب الثاني:
قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالًا خاطبهم بمنطق الربح والخسارة؛ لأنهم في طلبهم للحياة الدنيا يبتغون الربح
الَّذِينَ ضَلَّ أي ضاع وبطل سَعْيُهُمْ أي عملهم فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً الآية عامة في كل من لم يدخل في الإسلام كله، وهو يحسب أنه مصيب، فهذا أكثر الناس خسارة
أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقائِهِ أي جحدوا آيات الله، وبراهينه التي أقامها على