وهيأنا لِلظَّالِمِينَ أي للكافرين بالله ورسوله وكتابه ناراً أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها أي سورها وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا من العذاب والعطش يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ أي كعكر الزيت في سواده وغلاظته يَشْوِي الْوُجُوهَ من حره إذا أراد الكافر أن يشربه وقرّبه من وجهه، شواه حتى تسقط جلدة وجهه.
كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:«ماء كالمهل- قال: كعكر الزيت فإذا قرّبه إليه سقطت فروة وجهه فيه» بِئْسَ الشَّرابُ أي المهل وَساءَتْ مُرْتَفَقاً أي وساءت النار منزلا ومقيلا ومجتمعا وموضعا للارتفاق، ولا ارتفاق لأهل النار. أي لا انتفاع لهم.
وبعد أن ذكر الله عزّ وجل جزاء من اختار الكفر، يقرر الآن جزاء من اختار الإيمان. قال ابن كثير: لما ذكر تعالى حال الأشقياء ثنّى بذكر السعداء إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا. دلّت الآية على أن المحسن في العمل هو المؤمن، الذي يعمل الصالحات، فإذا تذكرنا الآيتين اللتين وردتا قبل قصة أهل الكهف إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا علمنا أن الكلام الآن في الناجحين في الاختبار، وهم أهل الإيمان، والعمل الصالح
أُولئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ أي إقامة تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ أي من تحت غرفهم ومنازلهم يُحَلَّوْنَ فِيها من الحلية أي يلبّسون فيها الحلي، ثم بيّن هذه الحلي مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ الأساور: جمع أسورة، وفي تنكيرها إشعار بأنها غاية في الجمال وَيَلْبَسُونَ ثِياباً خُضْراً وهو أروح الألوان للعيون، وأكثرها راحة لها، كما يقول الطب المعاصر مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ قال ابن كثير: فالسندس لباس رفاع رقاق كالقمصان، وما جرى مجراها، وأما الإستبرق فغليظ الديباج وفيه بريق مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ خص حالة الاتكاء بالذكر لأنه هيئة المتنعمين على أسرتهم، والجنة دار النعيم نِعْمَ الثَّوابُ الجنة وَحَسُنَتْ الجنة والأرائك مُرْتَفَقاً أي مكانا للارتفاق. أي نعمت الجنة ثوابا على أعمالهم، وحسنت مرتفقا. أي حسنت منزلا ومقيلا ومقاما.
ملاحظات:[حول قصة أصحاب الكهف]
رأينا أنّ الله عزّ وجل أوصانا بالنسبة لقصة أهل الكهف فقال فَلا تُمارِ فِيهِمْ إِلَّا مِراءً ظاهِراً وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً وقال جلّ جلاله قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا