للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مصر وَلا تَخافِي عليه من الغرق والضياع وَلا تَحْزَنِي بفراقه إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ بوجه لطيف وَجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ قال النسفي: (في هذه الآية أمران، ونهيان، وخبران، وبشارتان، والفرق بين الخوف والحزن: أن الخوف غم يلحق الإنسان لمتوقع، والحزن: غم يلحقه لواقع، وهو فراقه والإخطار به، فنهيت عنهما، وبشرت برده إليها وجعله من المرسلين)

فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ أي أخذوه لِيَكُونَ لَهُمْ أي لنجعله لهم عَدُوًّا وَحَزَناً أي ليعاديهم ويحزنهم إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما كانُوا خاطِئِينَ أي كانوا مذنبين، فعاقبهم الله بأن ربي عدوهم ومن هو سبب هلاكهم على أيديهم، أو كانوا خاطئين في كل شئ فليس خطؤهم في تربية عدوهم ببدع منهم

وَقالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قال ابن كثير: (يعني أن فرعون لما رآه هم بقتله، خوفا من أن يكون من بني إسرائيل، فشرعت امرأته آسية بنت مزاحم تخاصم عنه، وتذب دونه، وتحببه إلى فرعون) فقالت: قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ أي به تطمئن أعيننا لا تَقْتُلُوهُ قال النسفي: خاطبته خطاب الملوك (أي بصيغة الجمع أو خاطبت القواد). ثم عللت لطلبها بقولها: عَسى أَنْ يَنْفَعَنا وقد نفعها الله بذلك، فكانت من أهل الإيمان أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً أي أو نتبناه وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ أي لا يدرون ما أراد الله منه بالتقاطهم إياه من الحكمة العظيمة البالغة، والحجة القاطعة، أو وهم لا يشعرون أنهم على خطأ عظيم بالنسبة لتصورهم في التقاطه ورجاء النفع منه وتبنيه

وَأَصْبَحَ فُؤادُ أي قلب أُمِّ مُوسى فارِغاً أي صفرا من العقل، لما دهمها من فرط الجزع، لما سمعت بوقوعه في يد فرعون أو أصبح قلبها فارغا من كل شئ من أمور الدنيا إلا من موسى إِنْ كادَتْ لَتُبْدِي بِهِ أي إنه كادت من شدة وجدها وحزنها وأسفها لتظهر أنه ذهب لها ولد، وتخبر بحالها، لولا أن الله ثبتها وصبرها، ولذلك قال تعالى: لَوْلا أَنْ رَبَطْنا عَلى قَلْبِها الربط على القلب: تقويته بإلهام الصبر لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أي من المصدقين، دل ذلك على أن الجزع المخرج عن التكليف يتنافى مع كمال الإيمان، وأن الصبر في النوازل من الإيمان.

قال النسفي: قال يوسف بن الحسين: أمرت أم موسى بشيئين، ونهيت عن شيئين، وبشرت ببشارتين، فلم ينفعها الكل حتى تولى الله حياطتها فربط على قلبها

وَقالَتْ لِأُخْتِهِ وتسميها التوراة الحالية مريم كما ورد في الإصحاح الخامس عشر من سفر الخروج قُصِّيهِ أي اتبعي أثره لتعلمي خبره فَبَصُرَتْ بِهِ أي أبصرته عَنْ جُنُبٍ أي عن بعد وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ أي أنها أخته

وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>