وجل أن من شأنه ألا يهدي الكافر، ما دام مختارا لطريق الكفر، ومصمما عليه.
- وفي الآية الثانية، ضرب الله مثلا للمؤمنين المنفقين أموالهم ابتغاء مرضاة الله عنهم في ذلك. ومن أجل أن يثبتوا أنفسهم على طريق الإيمان بالله واليوم الآخر، بفعل ما يقربهم إلى الله. فمثل هؤلاء، كمثل بستان في مكان مرتفع من الأرض. أصابها مطر شديد، فآتت ثمرتها ضعفين بالنسبة إلى غيرها من الجنان. فإن لم يصبها مطر شديد، أصابها رذاذ، وهو اللين من المطر. فشأن هذه الجنة، أنها لا تمحل أبدا لأنها إن لم يصبها المطر الشديد، فالرذاذ. وأيا ما كان فهو كفايتها.
وكذلك عمل المؤمن، لا يبور أبدا. بل يتقبله الله، ويكثره، وينميه، لكل عامل بحسبه. ثم بين الله عزّ وجل بأن الله لا يخفى عليه من أعمال عباده شئ.
- وفي الآية الثالثة، ينكر الله عزّ وجل أن يكون المؤمن من ذلك الطراز الذي يفعل الحسن، ثم يغرقه بالسيئات فيبطله. فإذا ما احتاج إليه في أضيق الأحوال، لم يحصل منه شئ، وخانه أحوج ما كان إليه. والمثل الذي ضربه لذلك مثل رجل تكون له جنة من نخيل وأعناب، وأصابه الكبر، وأولاده وذريته ضعاف، عند آخر عمره. فجاءه إعصار فيه نار فاحترق بستانه. فلم يكن عنده قوة أن يغرس مثله، ولم يكن عند نسله خير يعودون به عليه. وكذلك الكافر ومن يعمل ما يحبط عمله يكون يوم القيامة، إذا رد إلى الله عزّ وجل، ليس له خير فيستعتب، كما ليس لهذا قوة فيغرس مثل بستانه. ولا يجده قدم لنفسه خيرا يعود عليه. كما لم يغن عن هذا ولده. وحرم أجره غدا أفقر ما كان إليه، كما حرم هذا جنته عند ما كان أفقر ما كان إليها عند كبره، وضعف ذريته. وهذا من أصعب الأحوال. ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه:
«اللهم اجعل أوسع رزقك علي عند كبر سني، وانقضاء عمري» رواه الحاكم. ثم بين الله عزّ وجل في نهاية الآية أنه يبين لنا آياته من أجل أن نتفكر فنعتبر، ونفهم الأمثال، والمعاني، وننزلها على المراد منها.
[المعنى الحرفي]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى كَالَّذِي يُنْفِقُ مالَهُ رِئاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ: معنى رئاء الناس. أي: من أجل أن يراه الناس.
صار المعنى: يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا ثواب صدقاتكم بالمن والأذى إبطالا مثل إبطال