للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجل- شبهة أثارها المتكبرون- وهي دعواهم إذ أمرنا ربنا بالإنفاق- أنه فقير، وهم الأغنياء، وهذا معناه في زعمهم احتياجه لهم، فهددهم الله على مقالتهم وعلى قتلهم الأنبياء من قبل. ومن هنا نفهم أن قائلي هذا الكلام هم اليهود، وبين أن جزاءهم على ذلك عذاب جهنم بسبب أفعالهم، لا بظلم من الله لأن ربنا ليس بظلام لخلقه، ثم بين أن من أخلاق هؤلاء، وأقوالهم دعواهم أن الله لم يأذن لهم أن يؤمنوا برسول إلا إذا قدم قربانا أكلته نار من السماء، فرد عليهم هذه الدعوى، وبين لهم أنهم كاذبون فيما يطلبون، فإن رسلا آخرين جاءوا بمعجزات، وبقربان أكلته النار فقتلوهم، فهذا دليل على أن كلامهم هذا من باب التعنت لا من باب الإنصاف، ثم عزى الله رسوله بأنه إن كذبه هؤلاء، فإن غيره من الرسل قد كذبوا مع مجيئهم بالمعجزات والوحي، ثم وعظ الله الناس وعظا عاما بالموت، وذكرهم بالنار والجنة، وأن الفوز هو في الزحزحة عن النار، ودخول الجنة، وأن هذه الدنيا فانية، والتذكير بهذا في سياق النهي عن البخل واضح الدلالة. ثم ذكر الله- عزّ وجل- المؤمنين بأن من سنته أن

يبتليهم في الأموال والأنفس، وذكرهم بأن أهل الكتاب والمشركين سيؤذونهم كثيرا، وندبهم إلى الصبر والتقوى، وأثنى على من يتحقق بهذا.

ثم إن الفقرة تتجه للتذكير بما أخذ من عهود على أهل الكتاب على ألسنة أنبيائهم أن يبينوا كتاب الله ولا يكتموه، ومن ذلك ما ورد فيه من أمر محمد صلى الله عليه وسلم، وأن ينوهوا بذكره في الناس، فيكون الناس على أهبة من أمره، فإذا أرسله الله تابعوه. فكتموا ذلك، وتعوضوا عما وعدوا عليه من الخير في الدنيا والآخرة بالدون الطفيف، والحظ الدنيوي السخيف، فبئست الصفقة صفقتهم، وبئست البيعة بيعتهم، وفي هذا تحذير للعلماء أن يسلكوا مسلكهم، فيصيبهم ما أصابهم، ويسلك بهم مسلكهم. فعلى العلماء أن يبذلوا ما بأيديهم من العلم النافع الدال على العمل الصالح، ولا يكتموا منه شيئا.

[المعنى الحرفي للآيات]

وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ وفي قراءة:

ولا تحسبن، وهذا يؤكد الصلة بين الفقرات التي تؤلف هذا المقطع.

والمعنى: لا يظنن البخلاء بحقوق الله التي جعلها فيما رزقهم، أن بخلهم خير لهم.

بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ. أي: بل بخلهم شر لهم، لأن أموالهم ستزول عنهم، ويبقى

<<  <  ج: ص:  >  >>