للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذين لا وصلة بينهم وبين الأنبياء، أو مع داخليها من إخوانكما من قوم نوح وقوم لوط، ومثل حال المؤمنين في أن صلة الكافرين لا تضرهم، ولا تنقص شيئا من ثوابهم وزلفاهم عند الله بحال امرأة فرعون ومنزلتها عند الله مع كونها زوجة أعدى أعداء الله، ومريم ابنة عمران وما أوتيت من كرامة الدنيا والآخرة، والاصطفاء على نساء العالمين مع أن قومها كانوا كفارا. وفي طي هذين التمثيلين تعريض بأمي المؤمنين المذكورتين في أول السورة، وما فرط منهما من التظاهر على رسول الله صلى الله عليه وسلم بما كرهه، وتحذير لهما على أغلظ وجه، وإشارة إلى أن من حقهما أن يكونا في الإخلاص كهاتين المؤمنتين، وأن لا يتكلا على أنهما زوجا رسول الله صلى الله عليه وسلم).

...

[كلمة في السياق]

١ - عرفنا من خلال كلام النسفي صلة الفقرة الأخيرة ببداية السورة، ورأينا من قبل صلة ضرب هذين المثلين بمحور السورة الذي فيه إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ....

٢ - في محور السورة ورد قوله تعالى: فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ ماذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا وفي الفقرة الأخيرة رأينا أن مدار النجاح عند الله على الإيمان، ومدار الخسران على الكفر، ورأينا أن مما وصف الله عزّ وجل به مريم وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها وَكُتُبِهِ وصلة ذلك بقوله تعالى:

فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ في المحور واضحة.

٣ - وفي السورة دروس للأسرة المسلمة ألا يرضي الزوج زوجته بمخالفة شرعية، وألا تفشي المرأة سر زوجها، وألا تعاديه وتظاهر عليه، وأن تكون الزوجة مسلمة مؤمنة قانتة عابدة تائبة صائمة، وأن على الرجال أن يقوا أنفسهم وأهليهم النار، وأن على الجميع أن يتوبوا إلى الله، وأن على المرأة أن تحقق إيمانها بنفسها، ولا تغتر بأنها زوجة رجل صالح، ومن تلاحم هذه المعاني ندرك جوانب من السياق الخاص للسورة.

٤ - ولعل القارئ يدرك صلة آيات السورة ببعضها لأول نظرة إلا آية يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ فإن صلتها بما قبلها وبما بعدها تحتاج إلى تأمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>