للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا الشهر بذلك الشهر وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ: أي وهتكه بهتكه. يعني تهتكون حرمته عليهم كما هتكوا حرمته عليكم إذ كل حرمة يجري فيها القصاص. فمن هتك حرمة، أي حرمة كانت، اقتص منه بأن تهتك له حرمة. فحين هتكوا حرمة شهركم فافعلوا بهم نحو ذلك. ولا تبالوا. وهذا كله مع الالتزام بالعهود، والوعود، والاستقامة على أمر الله. فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ. أي فعاقبوه بعقوبة مماثلة لعدوانه، بعدوان مثل عدوانه. وَاتَّقُوا اللَّهَ: في كل حال. وفي حال كونكم منتصرين على من اعتدى عليكم. فلا تعتدوا إلى ما لا يحل لكم. وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ: بالنصر، والتأييد في الدنيا والآخرة.

[فوائد]

١ - اتجه بعضهم إلى أن قوله تعالى: فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ نزل بمكة. وأنه منسوخ بآية القتال. وقد رد هذا القول ابن جرير.

وقال: بل الآية مدنية بعد عمرة القضاء. وعزا ذلك إلى مجاهد رحمه الله.

٢ - أخرج الإمام أحمد عن جابر بن عبد الله قال:

«لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو في الشهر الحرام، إلا أن يغزى، وتغزوا. فإذا حضره أقام حتى ينسلخ». قال ابن كثير. هذا إسناد صحيح.

والذي يبدو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل هذا مراعاة لأعراف سائدة بما لا يعطل قضية الجهاد. وبما لا تتضرر منه مصلحة المسلمين.

٣ - نفهم من قوله تعالى: الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ: أنه إذا خالف غير المسلمين عرفا عاما فإن المسلمين في هذه الحالة يستطيعون أن يردوا بالمثل. ونتساءل الآن في عصرنا بعد أن أصبح صاحب الضربة الأولى هو المنتصر هل ينتظر المسلمون الضربة الظالمة إذا تأكدوا من وجودها؟ وهل تكفير أبنائنا الذي هو أشد من القتل يبيح لنا قتل أبناء الذين يكفرونهم إذا كانوا غير بالغين كنوع من أنواع الضغط على الكافرين ليراجعوا خططهم وطريقهم؟ الجواب على السؤالين:

وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ: التهلكة والهلاك والهلك واحد. وفي هذا النص أمر ونهي. أمر بالإنفاق في سبيل الله فدخل في ذلك التصدق

<<  <  ج: ص:  >  >>