فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ المضروب للثواب والعقاب لَآتٍ لا محالة، فليبادر للعمل الصالح الذي يصدّق رجاءه عزّ وجل ويحقّق أمله وَهُوَ السَّمِيعُ لما يقوله عباده الْعَلِيمُ بما يفعلونه، فلا يفوته شئ ما
وَمَنْ جاهَدَ نفسه بالصبر على طاعة الله، وجاهد الشيطان بدفع وساوسه، وجاهد الكفار لإعلاء كلمة الله فَإِنَّما يُجاهِدُ لِنَفْسِهِ لأن منفعة ذلك ترجع إليها إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ وعن طاعتهم ومجاهدتهم، وإنّما أمر ونهى رحمة لعباده. ثم أخبر تعالى أنه- مع غناه عن الخلائق جميعهم ومع بره وإحسانه بهم- يجازي الذين آمنوا وعملوا
الصالحات أحسن الجزاء، بأن يكفّر عنهم أسوأ الذي عملوا، ويجزيهم أجرهم بأحسن الذي كانوا يعملون، فيقبل القليل من الحسنات، ويثيب عليها الواحدة بعشر أمثالها، إلى سبعمائة ضعف، ويجزي على السيئة بمثلها، أو يعفو ويصفح
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ أي الشرك والمعاصي بالإيمان والتوبة وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ أي أحسن جزاء أعمالهم في الإسلام.
نقل:[عن صاحب الظلال بمناسبة قوله تعالى وَمَنْ جاهَدَ فَإِنَّما يُجاهِدُ لِنَفْسِهِ]
عند قوله تعالى: وَمَنْ جاهَدَ فَإِنَّما يُجاهِدُ لِنَفْسِهِ قال صاحب الظلال رابطا بين ذكر الجهاد هنا، وذكر الابتلاء في مقدّمة السورة:
(فلا يقفنّ أحد في وسط الطريق، وقد أمضى في الجهاد شوطا يطلب من الله ثمن جهاده ويمنّ عليه وعلى دعوته، ويستبطئ المكافأة على ما ناله فإن الله لا يناله من جهاده شئ. وليس في حاجة إلى جهد بشر: إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ وإنما هو فضل من الله أن يعينه في جهاده، وأن يستخلفه في الأرض به، وأن يأجره في الآخرة بثوابه).
كلمة في السياق:[حول صلة مقدمة السورة بالمجموعة الأولى من المقطع الأول]
دلتنا المقدمة على أن الإيمان يرافقه امتحان. وأن علامة الصدق في الإيمان النجاح في الامتحان. ودلنا قوله تعالى في المجموعة مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ على أن هدف المؤمن هو ثواب الله في اليوم الآخر، فمن كان له هدف في الإيمان غير ذاك فإنه ليس من أهل حقيقة الإيمان، كما دلت آية وَمَنْ جاهَدَ فَإِنَّما يُجاهِدُ