الخروج عن طاعة الله. وقد كرر تعبير الَّذِينَ ظَلَمُوا في الآية الأخيرة مرتين زيادة في تقبيح أمرهم وإيذانا بإنزال الرجز عليهم لظلمهم.
أخرج البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«قيل لبني إسرائيل: ادخلوا الباب سجدا وقولوا: حطة فدخلوا يزحفون على أستاههم فبدلوا وقالوا حبة في شعرة» أقول: وهذا نص في التبديل الذي فعلوه فلا محل لكلام آخر.
وأما ما هو الرجز الذي نزل بهم فللمفسرين أقوال وليس هناك من نص خاص في هذا الموضوع. قال الضحاك: عن ابن عباس «كل شئ في كتاب الله من الرجز يعني به العذاب». وقال أبو العالية: الرجز الغضب وأخرج ابن جرير بسنده عن أسامة بن زيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن هذا الوجع والسقم رجز عذب به بعض الأمم قبلكم». وأخرج النسائي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:«الطاعون رجز عذاب عذب به من كان قبلكم». لكن هذين النصين ليسا في الحادثة التي نحن فيها عينا، ولكن بعض المفسرين استأنس بهما ففسر الرجز هنا بالطاعون وبالبرد، والله أعلم.
وفي الآيتين إشعار بأن النعمة ينبغي أن يقابلها شكر، والشكر قول وعمل، وفيهما إشعار أن الأمر بالقول والفعل ينبغي أن يكون تنفيذه حرفيا لا تبديل ولا تغيير، وأن المعصية لا تمر بلا عقوبة، والملاحظ أن السياق كلما تقدم يوضح لنا طبيعة جديدة من طبائع يهود، ليكون ذلك تأسيسا لفهم مواقفهم من الدعوة الجديدة، ولتعتبر هذه الأمة فلا تقع فيما وقع به غيرها، والطبيعة الجديدة لليهود التي عرفناها في هاتين الآيتين هي التحريف في التنفيذ. ثم يأمرهم الله عزّ وجل بأن يتذكروا نعمة أخرى:
يقول تعالى: واذكروا نعمتي عليكم في إجابتي لنبيكم موسى عليه الصلاة والسلام حين استسقاني لكم، وتيسيري لكم الماء وإخراجه لكم من حجر يحمل معكم، وتفجيري الماء لكم من اثنتي عشرة عينا لكل سبط من أسباطكم عين قد عرفوها، فكلوا من المن والسلوى، واشربوا من هذا الماء الذي أنبعته لكم بلا سعي منكم ولا كد واعبدوا الذي سخر لكم ذلك ولا تقابلوا النعم بالعصيان فتسلبوها.
والاستسقاء: طلب السقيا من الله والألف واللام في الحجر، هل هي للعهد أو