عندهم استعداد للشرك، بدليل أنهم طلبوا من موسى- كما قصه الله علينا في سورة الأعراف- أن يجعل لهم إلها عند ما مروا على قوم يعبدون أصناما لهم فَقالُوا هذا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى أي قال السامري وأتباعه ومن وافقه: هذا إلهكم وإله موسى فَنَسِيَ إن كان الضمير يعود إلى موسى يكون المعنى: هذا إله موسى ولكنه نسي ربه هنا، وذهب يتطلبه، وإن كان الضمير يعود إلى السامري يكون المعنى: فنسي السامري بفعله ذلك ربه، وترك ما كان عليه من الإيمان الظاهر، أو نسي السامري أن العجل لا يكون إلها بدليل ما بعده:
أَفَلا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً أي إن العجل عاجز عن الخطاب، والضر والنفع، فكيف تتخذونه إلها، أي أفلا يرون أنه لا يجيبهم إذا سألوه، ولا إذا خاطبوه، ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا في دنياهم، أو أخراهم.
نقل عن الظلال: بمناسبة الكلام عن السامري في الآيات يقول صاحب الظلال:
(والسامري رجل من (السامرة) كان يرافقهم، أو أنه واحد منهم يحمل هذا اللقب. وجعل [للعجل] منافذ إذا دارت فيها الريح، أخرجت صوتا كصوت الخوار، ولا حياة فيه ولا روح فهو جسد- ولفظ الجسد يطلق على الجسم الذي لا حياة فيه- فما كادوا يرون عجلا من ذهب يخور حتى نسوا ربهم الذي أنقذهم من أرض الذل، وعكفوا على عجل الذهب، وفي بلاهة فكر وبلادة روح قالوا:«هذا إلهكم وإله موسى». راح يبحث عنه على الجبل. وهو هنا معنا. وقد نسي موسى الطريق إلى ربه وضل عنه).
وبمناسبة قول السامري الذي سيأتي: بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُها قال صاحب الظلال:
(وتتكاثر الروايات حول قول السامري هذا. فما هو الذي بصر به؟ ومن هو الرسول الذي قبض قبضة من أثره فنبذها؟ وما علاقة هذا بعجل الذهب الذي صنعه؟
وما أثر هذه القبضة فيه؟. والذي يتردد كثيرا في هذه الروايات أنه رأى جبريل- عليه السلام- وهو في صورته التي ينزل بها إلى الأرض، فقبض قبضة من تحت قدمه، أو من تحت حافر فرسه، فألقاها على عجل الذهب، فكان له هذا الخوار. أو أنها هي التي أحالت كوم الذهب عجلا له خوار.