١ - بمناسبة قوله تعالى: سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قال الألوسي: (قال الجمهور: المراد به معنى عام مجازي شامل لما نطق به لسان المقال، كتسبيح الملائكة والمؤمنين من الثقلين، ولسان الحال، كتسبيح غيرهم، فإن كل فرد من أفراد الموجودات يدل بإمكانه وحدوثه على الصانع القديم الواجب الوجود، المتصف بكل كمال، المنزه عن كل نقص، وذهب البعض إلى أن التسبيح على حقيقته المعروفة في الجميع وهو مبني على ثبوت النفوس الناطقة والإدراك لسائر الحيوانات والجمادات على ما يليق بكل).
وقال صاحب الظلال بمناسبة هذه الآية: (هكذا ينطلق النص القرآني الكريم في مفتتح السورة؛ فتتجاوب أرجاء الوجود كله بالتسبيح لله. ويهيم كل شئ في السماوات والأرض، فيسمعه كل قلب مفتوح غير محجوب بأحجبة الفناء. ولا حاجة لتأويل النص عن ظاهر مدلوله. فالله يقول. ونحن لا نعلم شيئا عن طبيعة هذا الوجود وخصائصه أصدق مما يقوله لنا الله عنه ... ف سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ تعني سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ... ولا تأويل ولا تعديل! ولنا أن نأخذ من هذا أن كل ما في السماوات والأرض له روح، يتوجه بها إلى خالقه بالتسبيح. وإن هذا لهو أقرب تصور يصدقه ما وردت به الآثار الصحيحة، كما تصدقه تجارب بعض القلوب في لحظات صفائها وإشراقها، واتصالها بالحقيقة الكامنة في الأشياء وراء أشكالها ومظاهرها.
وقد جاء في القرآن الكريم: يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ ... فإذا الجبال كالطير تؤوب مع داود! وجاء في الأثر: أخرج مسلم في صحيحه عن جابر بن سمرة قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «إن بمكة حجرا كان يسلم علي ليالي بعثت. إني لأعرفه الآن» ... وروى الترمذي- بإسناده- عن علي بن أبي طالب- كرم الله وجهه- قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة فخرجنا في بعض نواحيها، فما استقبله شجر ولا جبل إلا وهو يقول:«السلام عليك يا رسول الله» ... وروى البخاري في صحيحه بإسناده عن أنس بن مالك قال:«خطب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلى لزق جذع. فلما صنعوا له المنبر فخطب عليه حن الجذع حنين الناقة، فنزل الرسول فمسحه، فسكن».