للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حضرت وفاة أبي طالب، أتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «يا عماه قل لا إله إلا الله أشهد لك بها يوم القيامة» فقال: لولا أن تعيرني بها قريش، يقولون: ما حمله عليه إلا جزع الموت، لأقررت بها عينك، لا أقولها إلا لأقر بها عينك نزل الله تعالى: إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ وقال الترمذي حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث يزيد بن كيسان ورواه الإمام أحمد .. عن أبي هريرة بنحوه، وهكذا قال ابن عباس وابن عمر ومجاهد والشعبي وقتادة أنها نزلت في أبي طالب حين عرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول لا إله إلا الله فأبى عليه ذلك وقال:

أي ابن أخي ملة الأشياخ، وكان آخر ما قاله: هو على ملة عبد المطلب. وقال ابن أبي حاتم .. عن سعيد بن أبي راشد قال: كان رسول قيصر جاء إلي قال: كتب معي قيصر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا فأتيته فدفعت الكتاب فوضعه في حجره ثم قال ممن الرجل قلت من تنوخ، قال: هل لك في دين أبيك إبراهيم: الحنيفية؟ قلت: إني رسول قوم، وعلى دينهم، حتى أرجع إليهم، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ونظر إلى أصحابه وقال: إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ.

...

وَقالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا يخبر تعالى في هذه الآية عن اعتذار بعض الكفار في عدم اتباع الهدى، حيث قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: نخشى إن اتبعنا ما جئت به من الهدى، وخالفنا من حولنا من أحياء العرب المشركين، أن يقصدونا بالأذى والمحاربة، ويتخطفونا أينما كنا، وهي نفس الحجة التي يرددها اليوم ضعاف النفوس والمغرضون، فهم إذا ما أقمت عليهم الحجة بالإسلام قالوا: إذا أعلنا موقفنا من الإسلام كمؤمنين به تتكالب علينا دول العالم كلها، كأن دول العالم كلها ليست متكالبة علينا الآن، وقد رد عزّ وجل قولهم أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يعني هذا الذي اعتذروا به كذب وباطل، لأن الله تعالى جعلهم في بلد أمين وحرم معظم آمن منذ وضع، فكيف يكون هذا الحرم أمنا لهم في حال كفرهم وشركهم، ولا يكون لهم أمنا وقد أسلموا وتابعوا الحق؟ يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ أي تجلب وتجمع إليه من كل الثمار، مما حوله من الطائف وغيره، ومن كل العالم الآن رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا أي من عندنا وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ أي قليل منهم يقرون بأن ذلك رزق من عند الله، وأكثرهم جهلة لا يعلمون ذلك ولو علموا أنه من عند الله لعلموا أن الخوف والأمن من

<<  <  ج: ص:  >  >>