للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلمة في السياق: [حول مهمة الجهاد وعلاقة الآيات بمحور السورة]

١ - دلّت هذه الآيات على أن ترك الجهاد يؤدي إلى أن يصبح المسلمون مفسدين في الأرض، مقطّعين لأرحامهم، وأنهم يستحقون بذلك إثم المفسدين القاطعين، من لعنة وعمى قلب، وأن ذلك سببه عدم التدبّر في كتاب الله، والأقفال على القلوب.

٢ - رأينا أن محور السورة هو قوله تعالى وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ* الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ وقد رأينا في الآيات الأخيرة أن ترك الجهاد يصل بنا إلى أن نكون من هؤلاء، وأن علة ذلك إن كان هو عدم تدبّر كتاب الله، أو وجود الأقفال على القلوب. ثمّ يأتي في السورة كلام عن المرتدين، وعلّة ردّتهم مما يشير إلى أنّ الردّة أثر من آثار ترك الجهاد، كما يشير إلى نوع آخر من أنواع الفسوق، ويعطينا صورة من صور نقض الميثاق الوارد ذكره في محور السورة الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ.

إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ أي: من الإسلام إلى الجاهلية. قال ابن كثير:

أي فارقوا ورجعوا إلى الكفر مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى أي: من بعد ما اتّضح الحق لهم وهو الإسلام الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ أي: زيّن لهم ذلك وحسّنه وَأَمْلى لَهُمْ أي: مدّ لهم في الآمال والأماني فغرّهم وخدعهم

ذلِكَ أي: سبب ردّتهم بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللَّهُ أي: قالوا للكافرين الصادّين عن سبيل الله سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ فبقولهم هذا حكم الله عزّ وجلّ عليهم بالردة، فكيف بمن قال لأئمة الكفر والضلال في عصرنا سنطيعكم في الأمر؟ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرارَهُمْ أي: ما يسرونه وما يخفونه، فالله مطّلع عليه وعالم به

فَكَيْفَ إِذا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ أي: كيف حالهم وماذا يعملون وما حيلتهم إذا جاءتهم الملائكة لقبض أرواحهم، وتعاصت الأرواح في أجسادهم، واستخرجتها الملائكة بالعنف والقهر والضرب

ذلِكَ أي: الإهانة والتعذيب لهم عند قبض أرواحهم بِأَنَّهُمُ أي: بسبب أنهم اتَّبَعُوا ما أَسْخَطَ اللَّهَ في طاعة الكافرين وَكَرِهُوا رِضْوانَهُ في السير في طاعة الله وموالاة المؤمنين فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ أي: أبطلها فلم يقبلها ولم تنفعهم بعد أن ارتدوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>