يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلابة زيد له في البلاء» ..
وأما الذين يفتنون المؤمنين، ويعملون السيئات، فما هم بمفلتين من عذاب الله ولا ناجين. مهما انتفخ باطلهم وانتفش، وبدا عليه الانتصار والفلاح. وعد الله كذلك وسنته في نهاية المطاف:
أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ أَنْ يَسْبِقُونا؟ ساءَ ما يَحْكُمُونَ!.
فلا يحسبن مفسد أنه مفلت ولا سابق، ومن يحسب هذا فقد ساء حكمه، وفسد تقديره، واختل تصوّره. فإن الله الذي جعل الابتلاء سنة ليمتحن إيمان المؤمن ويميز بين الصادقين والكاذبين؛ هو الذي جعل أخذ المسيئين سنّة لا تتبدل ولا تتخلف ولا تحيد).
كلمة في السياق:[حول تصحيح مفهومين هامين في موضوع الابتلاء]
صحّحت الآيات السابقة تصوّرين هامّين. الأول: تصور من يظن أن الإيمان لا يرافقه امتحان. والثاني: تصور الكافر أنّه إذا لم يمتحن فإنه يفلت من عذاب الله عزّ وجل. فالآيات إذن تصحّح مفاهيم، وتقرر سننا لها علاقة بقضية الإيمان والكفر، وارتباط ذلك بمقدمة سورة البقرة واضح: الم* ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ فالإيمان ليس مجرد دعوى، وكيلا يقول قائل:
ما دام الإيمان كذلك فلنتخلّ عن الإيمان، فقد بيّن الله عزّ وجل أن تصور الكافر أنّه يفوت الله- خطأ أكبر.
ولما كان تصحيح هذا التصور مهما جدا، فقد ورد هذا التصحيح في سورة البقرة في قوله تعالى: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ إلا أن التصحيح الوارد في سورة البقرة ورد في سياق الأمر بالدخول في الإسلام كله، لأنه هو الذي تترتب عليه المحن الحقيقية، وهو علامة الشكر الصادق على الإسلام، وهو الذي تكون عاقبته الظفر، أما هنا فقد ورد في سياق التفصيل المباشر لمقدمة سورة البقرة ليفيد أنّ دعوى الإيمان يترتب عليها الامتحان.
وهاهنا نذكّر بشيء:
قلنا: إنّ كلّ سورة في القرآن- ما عدا سورتي الفاتحة والبقرة- لها محور