النسفي:(أي: وما أرسل الكفار على المؤمنين حافظين يحفظون عليهم أحوالهم، ويرقبون أعمالهم، بل أمروا بإصلاح أنفسهم فاشتغالهم بذلك، أولى بهم من تتبع غيرهم وتسفيه أحلامهم). وقال ابن كثير:(أي: وما بعث هؤلاء المجرمون حافظين على هؤلاء المؤمنين ما يصدر منهم من أعمالهم وأقوالهم ولا كلفوا بهم؟ فلم اشتغلوا بهم وجعلوهم نصب أعينهم)
فَالْيَوْمَ أي: يوم القيامة الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ كما ضحكوا منهم هنا مجازاة
عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ قال ابن كثير:
أي: إلى الله عزّ وجل في مقابلة من زعم فيهم أنهم ضالون، ليسوا بضالين، بل هم من أولياء الله المقربين، ينظرون إلى ربهم في دار كرامته
هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ قال النسفي: هل جوزوا بسخريتهم بالمؤمنين في الدنيا إذ فعل بهم ما ذكر، وقال ابن كثير: أي: هل جوزي الكفار على ما كانوا يقابلون به المؤمنين من الاستهزاء والتنقيص أم لا؟ يعني: قد جوزوا أوفر الجزاء وأتمه وأكمله.
[كلمة في السياق]
في مقدمة سورة البقرة كلام عن المتقين والكافرين، وفي الفقرة الأخيرة من السورة بيان لموقف الكافرين من المتقين، وما يعاقب الله عزّ وجل به الكافرين يوم القيامة مجازاة لهم على هذا الموقف، وعرفنا من صفات الفجار في الفقرة الأخيرة ضحكهم من المؤمنين، وتغامزهم منهم، وبصرهم ورؤيتهم أن أهل الإيمان على ضلال، وفي مقابل ذلك عرفنا من خصائص الأبرار الإيمان، وهكذا أعطتنا سورة المطففين مزيد بيان إن في صفات الفجار أو في صفات المتقين. ولذلك صلاته بمحور السورة.
[الفوائد]
١ - بمناسبة قوله تعالى: وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ قال ابن كثير: (وروى ابن أبي حاتم عن هلال بن طلق قال: بينما أنا أسير مع ابن عمر فقلت: من أحسن الناس هيئة وأوفاهم كيلا أهل مكة وأهل المدينة، قال: حق لهم، أما سمعت الله تعالى يقول:
وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ).
أقول: وهذا دليل على أن أهل الإيمان بمجرد أن يذكروا يتذكرون، ولا زال أهل المدينة وأهل مكة حتى الآن من أكرم خلق الله ميزانا وأجودهم كيلا.