والأيكة: الشجر الملتف لَظالِمِينَ بشركهم بالله، وقطعهم الطريق، ونقصهم المكيال والميزان
فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ بالصيحة والرجفة وعذاب يوم الظلة وَإِنَّهُما أي قرى قوم لوط، وقرية شعيب. قال ابن كثير: وقد كانوا قريبا من قوم لوط، بعدهم في الزمان ومسامتين
لهم بالمكان، ولهذا قال: وإنهما لَبِإِمامٍ مُبِينٍ أي لبطريق واضح مسلوك مطروق، وقد مرّ معنا في سورة الأعراف تحقيق مكان قوم شعيب
وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحابُ الْحِجْرِ هم ثمود، والحجر واديهم وهو بين المدينة والشام، وآثارهم لا زالت قائمة مدهشة الْمُرْسَلِينَ كذبوا صالحا نبيهم عليه السلام، ومن كذّب برسول فقد كذّب بجميع المرسلين
وَآتَيْناهُمْ آياتِنا كالناقة التي أخرجها الله لهم بدعاء صالح من صخرة صماء، وكانت تسرح في بلادهم لها شرب ولهم شرب يوم معلوم. وفي ذلك آيات تدل على صدق صالح عليه السلام فَكانُوا عَنْها أي عن الآيات مُعْرِضِينَ أي أعرضوا عنها ولم يؤمنوا بها
وَكانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً آمِنِينَ أي ينقبون في الجبال بيوتا آمن، لوثاقة البيوت واستحكامها من أن تنهدم، ومن نقب اللصوص، أو كانوا ينحتونها من غير خوف ولا احتياج إليها، بل أشرا وبطرا وعبثا، أو آمنين من عذاب الله يحسبون أن الجبال تحميهم
فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ أي بالعذاب مُصْبِحِينَ أي وقت الصباح من اليوم الرابع من قول صالح لهم تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب
فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ من بناء البيوت الوثيقة، واقتناء الأموال النفيسة، وما كانوا يستقبلونه من زروعهم وثمارهم التي ضنّوا بمائها عن الناقة، حتى عقروها لئلا تضيّق عليهم في المياه.
فسنة الله إذن جارية في إهلاك من كذّب رسله، ولكن لكل شئ أجل عنده، وقد ذكرنا في مقدمة تفسير هذه المجموعة صلتها بما قبلها، ولنذكر هنا صلة هذه المجموعة بالمجموعة الأولى من السورة.
في أول السورة نجد ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ثم وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ* ما تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَها وَما يَسْتَأْخِرُونَ وهذه المجموعة التي مرّت معنا فيها تمثيل على هذا الإهلاك التمتع والأمل.
وكنا قد ذكرنا إلى ما يشير إلى عمق الصلة بين أواسط السورة وبدايتها ونهايتها، وكل ذلك ضمن محور السورة، وبما يحقق كون السورة مرتبطة بما بعدها من السور، ولعلّ