ففي هذه الآيات حديث عن الكافرين والمؤمنين، وفي سورة البينة حديث عن الكافرين واستمرارهم على عنادهم، وبشارة للمؤمنين، فسورة البينة تفصل في هذه الآيات المذكورة كما سنرى، فهذه محورها.
رأينا أن سورة القدر بدأت بقوله تعالى: إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ .. فهي حديث عن القرآن، والملاحظ أن سورة البينة تبدأ بقوله تعالى: لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ* رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً* فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ فسورة البينة تبدأ بالكلام عن عدم انفكاك أهل الكتاب والشرك عما هم فيه إلا ببعثة الرسول المنزل عليه القرآن، كما تتحدث عن موقف هؤلاء من الرسول والقرآن بعد ما بعث الرسول، وأنزل عليه القرآن. فالصلة واضحة بين سورة القدر وسورة البينة. قال الألوسي:(ووجه مناسبتها لما قبلها أن قوله تعالى فيها لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ الخ كالتعليل لإنزال القرآن، كأنه قيل: إنا أنزلناه لأنه لم يكن الذين كفروا منفكين عن كفرهم حتى يأتيهم رسول يتلو صحفا مطهرة وهي ذلك المنزل فلا تغفل).