للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي وما منعنا من إرسال ما يقترحونه من الآيات إلا أن كذب بها الذين هم أمثالهم من المطبوع على قلوبهم كعاد وثمود، وأنها لو أرسلت لكذبوا بها تكذيب أولئك، ولاستحقوا العذاب المستأصل. لأن سنة الله في الأمم أن من اقترح منهم آية، فأجيب إليها، ثم لم يؤمن أن يعاجل بعذاب الاستئصال. وذكر من تلك الآيات التي اقترحها الأولون ثم كذبوا بها لما أرسلت فأهلكوا: ناقة صالح لأن آثار هلاك ثمود معروفة معلومة. فقال وَآتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ باقتراحهم مُبْصِرَةً أي آية بينة فَظَلَمُوا بِها أي فكفروا بها، فنزل بهم ما نزل وَما نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلَّا تَخْوِيفاً إن أريد بالآيات ما يقترحه الكافرون يكون المعنى: لا نرسلها إلا تخويفا بين يدي نزول العذاب العاجل، كالطليعة والمقدمة، فإن لم يتعظوا وقع عليهم، وإن أريد بالآيات ما يحدثه الله عزّ وجل من حوادث كالزلازل وغيرها يكون المعنى: أنه تعالى يفعل ما يتعظ به الآخرون وينزجرون. وقد ذكر ابن كثير أن الكوفة رجفت على عهد ابن مسعود رضي الله عنه فقال: يا أيها الناس إن ربكم يستعتبكم فأعتبوه. وهكذا روي أن المدينة زلزلت على عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه مرات فقال عمر: أحدثتم والله لئن عادت لأفعلن ولأفعلن. وإن أريد بالآيات ما يظهره الله على يد رسله كالمعجزات يكون المعنى: وما نرسل ما نرسل من الآيات كآيات القرآن وغيرها إلا تخويفا وإنذارا بعذاب الآخرة.

[كلمة في السياق]

بدأ المقطع بقوله تعالى: وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا ... وسار المقطع كما رأينا حتى قال: وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلَّا .... فإذا نظرنا إلى مقدمة المقطع، وهذه الآية، عرفنا أن هذا القرآن كاف في إقامة الحجة، ومن نفر منه فإن شيئا ما لن ينفعه، وأن الخوارق التي يظن بعض الناس أنها لو كانت لأثرت في إيمان هؤلاء النافرين لا تؤثر؛ لأن مسألة الكفر والإيمان أكبر وأعقد مما يتوهمه المتوهمون، ومن ثم يذكّر الله رسوله صلّى الله عليه وسلّم بموضوعين كل منهما مبدوء بقوله تعالى: وَإِذْ أي واذكر إذ ..

١ -

وَإِذْ قُلْنا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحاطَ بِالنَّاسِ أي واذكر إذ أوحينا إليك أن ربك

<<  <  ج: ص:  >  >>