للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤٩/ ١١ - ١٢

[التفسير]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ أي: لا يستهزئ رجال من رجال بدليل ما يأتي، والمراد بذلك النهي عن احتقارهم واستصغارهم، وهذا حرام قال ابن كثير: (فإنه قد يكون المحتقر أعظم قدرا عند الله تعالى، وأحب إليه من الساخر منه المحتقر له) عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ هذه علة النهي. قال النسفي:

(والمعنى: وجوب أن يعتقد كل واحد أن المسخور منه ربما كان عند الله خيرا من الساخر، إذ لا اطلاع للناس إلا على الظواهر، ولا علم لهم بالسرائر، والذي يوزن عند

الله خلوص الضمائر، فينبغي ألا يجترئ أحد على الاستهزاء بمن تقتحمه عينه إذا رآه رثّ الحال، أو ذا عاهة في بدنه أو غير لبيق في محادثته، فلعله أخلص ضميرا، أو أنقى قلبا ممن هو على ضد صفته، فيظلم نفسه بتحقير من وقّره الله) وكما يحرم هذا في حق الرجال يحرم في حق النساء، كما يحرم في حق النساء مع الرجال والرجال مع النساء وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ هذا هو الأدب الأول في الفقرة الرابعة وهو ألا يسخر مؤمن من مؤمن، ثم ذكر الله عزّ وجل الأدب الثاني: وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ أي: لا يطعن بعضكم على بعض. قال النسفي: (أي لا تطعنوا أهل دينكم، واللمز: الطعن والضرب باللسان ... ، والمؤمنون كنفس واحدة، فإذا عاب المؤمن مؤمنا فكأنما عاب نفسه، وقيل معناه: لا تفعلوا ما تلمّزون به؛ لأن من فعل ما استحق به اللمز فقد لمز نفسه حقيقة) ثم ذكر الله عزّ وجل الأدب الثالث في هذه الفقرة فقال: وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ التنابز بالألقاب التداعي بها. قال النسفي:

(والتلقيب المنهي عنه هو ما يتداخل المدعو به كراهة لكونه تقصيرا به وذما له، فأما ما يحبه فلا بأس به) بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ أي: بئس الصفة والاسم الفسوق بعد ما دخلتم في الإسلام وعقلتموه، أي بئس أن تستبدلوا اسم الإيمان بأن كان

<<  <  ج: ص:  >  >>