للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: العلاء بن زياد، استعمل صديقا له مرّة على عمل فكتب إليه: أما بعد، فإن استطعت أن لا تبيت إلا وظهرك خفيف، وبطنك خميص، وكفك نقية من دماء المسلمين وأموالهم، فإنك إذا فعلت ذلك لم يكن عليك سبيل إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فقال مروان:

صدق والله ونصح، ثم قال: حاجتك يا أبا عبد الله؟ قلت: حاجتي أن تلحقني بأهلي، قال: نعم. رواه بن أبي حاتم).

١٥ - [كلام ابن كثير عن الصبر والمغفرة بمناسبة آية وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ .. ]

بمناسبة قوله تعالى: وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ قال ابن كثير: (وروى ابن أبي حاتم عن الفضيل بن عياض قال: إذا أتاك رجل يشكو إليك رجلا، فقل: يا أخي اعف عنه فإن العفو أقرب للتقوى، فإن قال: لا يحتمل قلبي العفو ولكن أنتصر كما أمرني الله عزّ وجل، فقل له: إن كنت تحسن أن تنتصر وإلا فارجع إلى باب العفو فإنه باب واسع، فإنه من عفا وأصلح فأجره على الله، وصاحب العفو ينام على فراشه بالليل، وصاحب الانتصار يقلب الأمور. وروى الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: إن رجلا شتم أبا بكر رضي الله عنه، والنبي صلّى الله عليه وسلم جالس فجعل النبي صلّى الله عليه وسلم يعجب ويتبسم، فلما أكثر ردّ عليه بعض قوله، فغضب النبي صلّى الله عليه وسلم وقام، فلحقه أبو بكر رضي الله عنه فقال: يا رسول الله إنه كان يشتمني وأنت جالس فلما رددت عليه بعض قوله غضبت وقمت، قال: «إنه كان معك ملك يردّ عنك، فلما رددت عليه بعض قوله حضر الشيطان فلم أكن لأقعد مع الشيطان- ثم قال- يا أبا بكر! ثلاث كلهن حق: ما من عبد ظلم بمظلمة فيغضي عنها لله إلا أعزه الله تعالى بها ونصره، وما فتح رجل باب عطية يريد بها صلة إلا زاده بها كثرة، وما فتح رجل باب مسألة يريد بها كثرة إلا زاده الله عزّ وجل بها قلة» وكذا رواه أبو داود عن سعيد بن المسيب مرسلا، وهذا الحديث في غاية الحسن في المعنى وهو مناسب للصديق رضي الله عنه).

١٦ - [مضمون رسالات الله جميعا من خلال آية فَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ .. ]

بمناسبة قوله تعالى: فَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا ...

نقول: إنّ هذه السورة بيّنت أنّ مضمون كل رسالات الله هو: إقامة الدين والاجتماع عليه أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ وقد ذكر الله عزّ وجل في هذه السورة كل ما يلزم لإقامة الدين وعدم التفرق فيه، ومن ذلك: الخصائص التي ينبغي أن تتوافر في كل مسلم وفي جماعة المسلمين. فإذا توافرت هذه الخصائص قام الإسلام، ووجد الاجتماع عليه، ولم توجد التفرقة فيه. وللتذكير بهذه الخصائص نجملها فيما يلي:

<<  <  ج: ص:  >  >>