الآية جزما أنه لا يتولى إنسان، أو أمة، أو جماعة، أو حكومة عن حكم الله، إلا وسينزل الله بأصحابه مصيبة دنيوية عقوبة لهم على التولّي وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفاسِقُونَ. أي: لخارجون عن أمر الله
أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ. أي:
يطلبون، إذ يرفضون حكم الله العادل الذي هو أثر عن علمه، ويريدون حكم البشر الذي هو أثر عن القصور والجهل والهوى وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً. أي: لا أحد أحسن من الله حكما لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ. فإنهم هم الذين يتبيّنون أن لا أعدل من الله، ولا أحسن حكما منه.
دلّ ذلك على فضيلة اليقين، ومنه نتبيّن أنّ تربية اليقين هي الطريق للعودة إلى حياة الأمة الإسلامية بالقرآن والإسلام والشريعة.
[فوائد]
١ - [الحكم بما أنزل الله في التوراة والإنجيل والقرآن. ما حكمه؟]
قال النسفي: «ذكر الله إنزال التوراة على موسى عليه السلام، ثم إنزال الإنجيل على عيسى عليه السلام، ثم إنزال القرآن على محمد صلّى الله عليه وسلّم. وبيّن أنه ليس للسماع فحسب بل للحكم به. فقال في الأول (يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ). وفي الثاني (وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ). وفي الثالث (فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ)».
٢ - [حكم من لم يحكم بما أنزل الله]
وصف الله- عزّ وجل- من لم يحكم بما أنزل بأنه كافر، ظالم، فاسق. قال الشيخ أبو منصور الماتريدي: يجوز أن يحمل على الجحود في الثلاث، فيكون كافرا، ظالما، فاسقا. لأن الفاسق المطلق، والظالم المطلق، هو الكافر. وقيل (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ) * فهو كافر بنعمة الله، ظالم في حكمه، فاسق في فعله. وهذا في غير المستحل أو المفضّل أو الجاحد أو المستهين فهؤلاء كفّار بإجماع وقال أكثر من إمام:
نزلت في أهل الكتاب- أي هذه الآيات- وقال الحسن: وهي علينا واجبة. وقال إبراهيم: ورضي الله لهذه الأمة بها. وكيف لا يكون ترك الحكم بالقرآن مساويا لترك الحكم بالتوراة والإنجيل، والقرآن مهيمن على التوراة والإنجيل.
[٣، ٦ - فوائد حول حكم القصاص ومسائل فيه]
٣ - روى ابن مردويه عن رجل من الأنصار عن النبي صلّى الله عليه وسلّم في قوله تعالى: فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ. قال: «هو الذي تكسر سنّه، أو تقطع يده، أو يقطع الشئ منه، أو يجرح في بدنه، فيعفو عن ذلك. قال: فيحط عنه خطاياه وإن كان