للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السبع وَما كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غافِلِينَ قال ابن كثير: أي ويعلم ما يلج في الأرض، وما يخرج منها، وما ينزل من السماء وما يعرج فيها، وهو معكم أينما كنتم والله بما تعملون بصير. وهو سبحانه لا يحجب عنه سماء سماء ولا أرض أرضا، ولا جبل إلا ويعلم ما في وعره ولا بحر إلا ويعلم ما في قعره، يعلم عدد ما في الجبال والتلال والرمال والبحار والقفار والأشجار، وفي ذكر عدم غفلته عزّ وجل عن الخلق في هذا السياق تقرير لكونه يعلم ما يصلح الخلق وما يحفظه

وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ أي من السحاب السَّماءِ أي مطرا بِقَدَرٍ أي بتقدير يسلمون معه من المضرة، ويصلون إلى المنفعة، أو بمقدار ما علمنا من حاجاتهم فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ قال ابن كثير: أي جعلنا الماء إذا نزل من السحاب يخلد في الأرض، وجعلنا في الأرض قابلية له، تشربه ويتغذى به ما فيها من الحب والنوى وَإِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ أي بالماء لَقادِرُونَ أي كما قدرنا على إنزاله نقدر على إذهابه، فقيدوا هذه النعمة بالشكر، قال ابن كثير في تفسيرها: أى لو شئنا أن لا تمطر لفعلنا، ولو شئنا أذى لصرفناه عنكم إلى السباخ والبرارى والقفاز لفعلنا، ولو شئنا لجعلناه أجاجا لا ينتفع به لشرب ولا لسقي لفعلنا، ولو شئنا لجعلناه لا ينزل في الأرض بل ينجر على وجهها لفعلنا، ولو شئنا لجعلناه إذا نزل فيها يغور إلى مدى لا تصلون إليه ولا تنتفعون به لفعلنا، ولكن بلطفه ورحمته ينزل عليكم الماء من السحاب عذبا فراتا زلالا فيسكنه في الأرض، ويسلكه ينابيع في الأرض، فيفتح العيون والأنهار، ويسقي به الزروع والثمار، تشربون منه ودوابكم وأنعامكم وتغتسلون منه، وتتطهرون منه وتتنظفون فله الحمد والمنة

فَأَنْشَأْنا لَكُمْ بِهِ أي بالماء جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ لَكُمْ فِيها أي في الجنات فَواكِهُ كَثِيرَةٌ سوى النخيل والأعناب وَمِنْها تَأْكُلُونَ أي ومن الجنات أي من ثمارها تأكلون

وَشَجَرَةً أي وأنشأنا لكم بالماء شجرة تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ قال ابن كثير: وهو الجبل الذي كلم الله عليه موسى بن عمران عليه السلام، وما حوله من الجبال التي فيها شجر الزيتون تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ أي تنبت ومعها الدهن، قال ابن كثير: فتقديره: تخرج بالدهن أو تأتي بالدهن وَصِبْغٍ أي أدم لِلْآكِلِينَ قال مقاتل: جعل الله تعالى في هذه إداما ودهنا فالإدام: الزيتون، والدهن: الزيت

وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ وهي الإبل والبقر والغنم لَعِبْرَةً أي لعظة نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِها أي مما تخرج لكم من بطونها أي اللبن وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ كَثِيرَةٌ سوى الألبان، وهي منافع الأصواف والأوبار والأشعار وَمِنْها أي ومن لحومها

<<  <  ج: ص:  >  >>