للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عصينا الله تعالى فيها فنزلت هذه الآية، وقيل: إنهم كانوا يطوفون كذلك تفاؤلا بالتعري عن الذنوب والآثام ولعل ذكر قصة آدم عليه السلام حينئذ للإيذان بأن انكشاف العورة أول سوء أصاب الإنسان من قبل الشيطان وأنه أغواهم في ذلك كما فعل بأبويهم).

[كلمة في السياق]

تتألف هذه المجموعة من أربعة نداءات تتوجه إلى بني آدم وهى كما قال صاحب الظلال (وقفة من وقفات التعقيب في سياق السورة، وهي وقفة طويلة بعد المشهد الأول في قصة البشرية الكبرى. وفي سياق السورة وقفات كهذه عند كل مرحلة. كأنما ليقال: قفوا هنا لتدبر ما في هذه المرحلة من عبرة قبل أن تمضوا قدما في الرحلة الكبرى.

وهي وقفة في مواجهة المعركة التي بانت طلائعها بين الشيطان والبشرية وقفة للتحذير من أساليب الشيطان ومداخله؛ ولكشف خطته ما كان منها وما يكون متمثلا في صور وأشكال شتى .. ولكن المنهج القرآني لا يعرض توجيها إلا لمواجهة حالة قائمة؛ ولا يقص قصصا إلا لأن له موقعا في واقع الحركة الإسلامية .. إنه كما قلنا لا يعرض قصصا لمجرد المتاع الفني! ولا يقرر حقيقة لمجرد عرضها النظري .. إن واقعية الإسلام وجديته تجعلان توجيهاته وتقريراته، لمواجهة حالات واقعة بالفعل في مواجهة الحركة الإسلامية).

[فائدة]

الملاحظ أن الآية ذكرت نعمة الله علينا باللباس الحسي، وذكرتنا بلباس التقوى، وهناك تلازم بين اللباسين يقول صاحب الظلال: (فهناك تلازم بين شرع الله اللباس لستر العورات والزينة، وبين التقوى .. كلاهما لباس. هذا يستر عورات القلب ويزينه. وذاك يستر عورات الجسم ويزينه. وهما متلازمان. فعن شعور التقوى لله، والحياء منه ينبثق الشعور باستقباح عري الجسد والحياء منه. ومن لا يستحي من الله ولا يتقيه لا يهمه أن يتعرى وأن يدعو إلى العري ... العري من الحياء والتقوى، والعري من اللباس وكشف السوأة. إن ستر الجسد حياء ليس مجرد اصطلاح وعرف بيئي- كما تزعم الأبواق المسلطة على حياء الناس وعفتهم لتدمير إنسانيتهم، وفق الخطة اليهودية البشعة التي تتضمنها مقررات حكماء صهيون- إنما هي فطرة خلقها الله في الإنسان؛ ثم هي شريعة أنزلها الله للبشر؛ وأقدرهم على تنفيذها بما سخر لهم في الأرض من مقدرات وأرزاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>