للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اقترفوها، من إنكار البعث، وما تبعه من معاصيهم فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ من النار أي إلى نوع من الخروج سريع أو بطيء لنتخلّص مِنْ سَبِيلٍ قط أم اليأس واقع دون ذلك فلا خروج ولا سبيل إليه؟ وجاء الجواب من خلال التعليل لبقائهم في النار بقوله:

ذلِكُمْ أي الذي أنتم فيه، وأن لا سبيل لكم إلى خروج قط بِأَنَّهُ إِذا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا أي ذلكم كفركم بتوحيد الله، وإيمانكم بالإشراك به فَالْحُكْمُ لِلَّهِ حيث حكم عليكم بالعذاب السرمد الْعَلِيِّ شأنه فلا يرد قضاؤه الْكَبِيرِ أي العظيم سلطانه فلا يحدّ جزاؤه.

كلمة في السياق: [المجموعة الثالثة حول الفرق بين الكفر والإيمان والعلاقة بين مقدمة سورة غافر وسورة الزمر]

١ - أرانا الله عزّ وجل في هذه المجموعة ماذا يقول الملائكة للكافرين يوم القيامة إذا دخلوا النار، وبيّن لنا ماهية العذاب العظيم الذي يلاقونه، وبيّن لنا علّة ذلك، وهو رفضهم للإيمان والتوحيد، وقبولهم الشرك وسيرهم فيه. وهكذا نجد من خلال عرض موقف الملائكة من أهل الإيمان في الدنيا، وموقفهم من أهل الكفر في الآخرة، الفارق الكبير بين الكفر والإيمان وأهلهما. ولذلك صلته بمقدّمة سورة البقرة وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ.

٢ - بدأت السورة بالحديث عن الله عزّ وجل، وأنه منزل الكتاب، وأن من أسمائه الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ. ثم حدثتنا عن مجادلة الكافرين في آيات الله، وعن تكذيب الأمم السابقة، وأخذهم واستحقاقهم النار. وحدثتنا عن موقف الملائكة من أهل الإيمان، ودعاء الله لهم بالتوبة ... والجنة. ثم عن موقف الملائكة من الكافرين إذا دخلوا النار، وقد عرفنا من خلال ذلك مظاهر عزّة الله وعلمه، وغفرانه وشدة عقابه، وكثرة إنعامه ووحدانيته حتى إذا رأينا في ما مرّ مظاهر اتّصاف الله عزّ وجل بهذه الصفات كلها يعود الحديث الآن إلى الكلام عن الذات الإلهية في الآيات اللاحقة، فنرى الآية الآتية هي: هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آياتِهِ ... فكأنها استمرار مباشر لما ورد في أول السورة: لا إِلهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ .. هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آياتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ رِزْقاً وَما يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ. وكأن ما ورد بين ذلك قد أدى دوره المتعدد، وعاد السياق إلى سيره الرئيسي في الكلام عن الله عزّ وجل: فلنتذكّر الآن أن هذه الآيات وما بعدها كلها

<<  <  ج: ص:  >  >>