ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وروى أبو عمرو الأوزاعي .. أن عبدة بن أبي لبابة لقي مجاهدا فأخذ بيده، فقال مجاهد: إذا التقى المتحابان في الله، فأخذ أحدهما بيد صاحبه، وضحك إليه، تحاتت خطاياه، كما تحات ورق الشجر، قال عبدة: فقلت له: إن هذا ليسير. فقال: لا تقل ذلك فإن الله تعالى يقول: لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ قال عبدة: فعرفت أنه أفقه مني. وروى ابن جرير .. عن مجاهد قال: إذا التقى المسلمان فتصافحا غفر لهما، قال الوليد (أحد رجال سند الرواية):
قلت لمجاهد: بمصافحة يغفر لهما؟؟ قال مجاهد: أما سمعته يقول لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ فقال الوليد لمجاهد: أنت أعلم مني. وروى ابن عوف عن عمير بن إسحاق قال: كنا نتحدث أن أول ما يرفع من الناس الألفة. وروى الحافظ أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني رحمه الله تعالى ..
عن سلمان الفارسي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن المسلم إذا لقي أخاه المسلم فأخذ بيده تحاتت عنهما ذنوبهما كما تحات الورق عن الشجرة اليابسة في يوم ريح عاصف، وإلا غفر لهما ذنوبهما ولو كانت مثل زبد البحر».
فلتكن هذه المعاني على ذكر منا ولنحرص على الابتعاد عن كل ما يضعف أخوتنا ووحدة قلوبنا.
[كلمة في السياق]
رأينا أن الفقرة بدأت بتعليم المسلمين ما ينبغي فعله إذا واجهوا، ومن ذلك ألا يكونوا كالكافرين في أخلاقهم إذا خرجوا للقتال، ثم ذكرت أخلاق الكافرين واستحقاقهم العذاب، وفي ذلك ما ينفر عن التشبه بهم، ويجرئ عليهم، ثم علمتنا كيف يكون موقفنا في العهد والصلح وغير ذلك، وأمرنا في سياق ذلك بالإعداد المادي في آية جامعة شملت كل أنواع الإعداد الذي يخطر ببال إنسان، وبهذا تكون هذه الفقرة قد شاركت في بناء صرح الجهاد في الإسلام، بتعليم بعض الأحكام المتعلقة به، وكل ذلك بما يحقق تفصيل محور هذه السورة من سورة البقرة. ولننتقل الآن إلى:
[التفسير الحرفي للفقرة الثانية من المقطع الثاني من القسم الثاني]
يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أي كفاك وكفى أتباعك من