وأما الطريق فهو قوله تعالى: لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً فالطريق للتأسي الكامل برسول الله صلّى الله عليه وسلم في أقواله، وأفعاله، وأحواله، هو الرجاء والذكر الكثير. وفي كتابنا (جند الله ثقافة وأخلاقا) بيان ذلك.
٣ - [صورة من صور النفاق ساعة المحنة]
ومن دروس المقطع أنه أعطانا صورة من صور النفاق في ساعات المحنة:
شك في موعود الله، تيئيس للمسلمين، استعداد للكفر، نقض للعهد، تخذيل عن القتال، بخل عن الإنفاق، جبن في مواطن القتال، نقد جارح، وألسنة حداد على المؤمنين، طمع في الغنائم، رغبة بالنفس عن المشاركة في الحرب الفعلية، قتال قليل. وفي المقابل أعطانا صورة عن الإيمان في ساعات المحنة: تأس برسول الله صلّى الله عليه وسلم، إيمان وتسليم، وفاء بالعهود.
من مواطن الخطأ في الفهم ما فهمه بعضهم من قوله تعالى: قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا إذ فهم بعضهم أن من فرّ من الموت أو القتل يزيد عمره، وهو فهم مخالف للنصوص والإجماع، ولم يقل به إلا المعتزلة؛ إذ النصوص كثيرة في أن الإنسان لا يموت ولا يقتل إلا بأجله. قال تعالى: أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ [النساء: ٧٨] وقال: فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ [الأعراف: ٣٤] وقال: قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلى مَضاجِعِهِمْ [آل عمران: ١٥٤] وقال: لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقالُوا لِإِخْوانِهِمْ إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كانُوا غُزًّى لَوْ كانُوا عِنْدَنا ما ماتُوا
وَما قُتِلُوا ...
[آل عمران: ١٥٦].
٥ - [الخيانة الداخلية ساعة المعركة جزاؤها الإعدام]
من دروس المقطع: أن الخيانة الداخلية في ساعة المعركة جزاؤها الإعدام كما فعل رسول الله صلّى الله عليه وسلم في بني قريظة كما سنرى.
٦ - [كلام ابن كثير حول بعض صور من غزوة الخندق]
يذكر ابن كثير صورا من السيرة عن غزوة الخندق يحتاجها شرح الآيات وهي نقول لا تغني عن قراءة السيرة في هذا الموضوع.
قال ابن كثير: (وكان سبب قدوم الأحزاب أن نفرا من أشراف يهود بني النضير الذين كانوا قد أجلاهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم من المدينة إلى خيبر، منهم سلام بن أبي