وهذا يوصلنا إلى أصل عظيم في الدعوة والتربية: إن كثيرا من الأمور إذا لم تستند إلى أرضية واسعة فإنها تكون معرضة للخطر، فلا إله إلا الله مثلا إذا لم يكن أساسها متينا فإن الطغيان يحاول استئصالها، ولذلك نجد القرآن قد تحدث عنها كثيرا، ولقد ورث المسلمون في العصور المتأخرة شعائر الإسلام دون أن يرثوا مع ذلك الأرضية الواسعة للشعائر فكاد أن يتغلب أعداء الإسلام على الإسلام، لولا أن الدعوة الإسلامية المعاصرة قد أعادت الأمر إلى نصابه.
[كلمة أخيرة في سورة الواقعة]
سورة الواقعة هي أول سورة تبدأ بقوله تعالى: إِذا ثم تأتي بعد ذلك سور مبدوءة بهذه الكلمة أكثر من مرة إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وبعد التأمل في محل هذه السور بالنسبة لما قبلها وما بعدها. وبعد التأمل في مضامينها نلاحظ أن هذه السور لا تأتي في بداية مجموعات، وليس شرطا أن تأتي في نهاية مجموعات كذلك، قد يكون وقد لا يكون، فسورة الواقعة نهاية مجموعة، وسورة المنافقون نهاية مجموعة، بينما سورة النصر ليست نهاية مجموعة مثلا كما سنرى. وحيثما جاءت سورة مبدوءة بإذا فإنك تجدها مهيجة على العمل والعبادة والتقوى من خلال ذكر ما يبعث على ذلك، فالتشابه كثير جدا بين مضمون هذه السور.
...
لقد لاحظنا أن سورة الواقعة فصلت في حيز قوله تعالى من سورة البقرة:
يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ ... بأن فصلت قوله تعالى: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ... فلنتذكر أن بداية سورة الحج هي: يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ* يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى وَلكِنَّ عَذابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ولنلاحظ أن أكثر السور المبدوءة بقوله تعالى: إِذا* فيها حديث عن الساعة إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها مثل هذا يجعلنا نستأنس أن