ما في بطونهم والجلود وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ أي: وتقرير له في النار التي تغمره من جميع جهاته). ا. هـ.
أقول: إن هناك اتجاهين في هذه الآيات. الاتجاه الأول: أن الحديث فيها عما يكون للميت يوم القيامة بعد إذ تقع الواقعة، وعندئذ تكون خاتمة السورة تتحدث عما تحدثت به بدايتها، والاتجاه الثاني يقول: إن الحديث في هذه الآيات يدور حول ما يستقبل به الميت فور وفاته، فهي حديث عما يستقبل الميت في البرزخ في الفترة بين الموت وقيام القيامة، وعلى هذا الاتجاه تكون السورة بدأت بالحديث عن القيامة، وختمت بالحديث عما قبل ذلك من حياة برزخية، وموت وحياة أولى.
١٨ - بمناسبة قوله تعالى في خاتمة السورة: فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ قال ابن كثير: (روى الإمام أحمد عن عقبة بن عامر الجهنى قال: لما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ قال: «اجعلوها في ركوعكم» ولما نزلت سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اجعلوها في سجودكم» وكذا رواه أبو داود وابن ماجه، وقال روح بن عبادة عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«من قال سبحان الله العظيم وبحمده غرست له نخلة في الجنة» هكذا رواه الترمذي ورواه هو والنسائي أيضا عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم به وقال الترمذي: حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث أبي الزبير. وروى البخاري في آخر كتابه عن أبي هريرة قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم» ورواه بقية الجماعة إلا أبا داود من حديث محمد بن فضيل بإسناده مثله).
أقول: وردت فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ في السورة مرتين، وفي كل مرة كانت ترد بعد ما تستجاش في النفوس عوامل الشعور بالعظمة؛ ليأتي التسبيح بعد ذلك خارجا من أعماق النفس.
وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نجعل هذا التسبيح في ركوعنا، فإذا عرفنا أن سورة كاملة قد سيقت للوصول إلى التسبيح في الركوع الذي هو سنة من سنن الصلاة ندرك أهمية الصلاة في حياة المسلم، وفي بقاء الإسلام. والملاحظ أن كل جزء من أجزاء الصلاة قد جاء في سياق سورة من السور؛ ليكون لهذا الجزء أرضيته العميقة التي يستند إليها، فالقيام في الصلاة جاء في سورة، وقراءة القرآن فيها جاءت في سورة، والركوع