البيان والعلو والحكمة والتذكير، والذي مضمونه التوحيد، وتصحيح العقائد، والذي يصدق كل رسل الله فيما بعثوا به فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ* فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ. والآن يأتي مقطع جديد تشبه بدايته بداية المقطعين السابقين على أحد أوجه تفسير الآية الأولى منه؛ ومن ثم اعتبرناه مقطعا جديدا، أما على الوجهين الآخرين اللذين سنذكرهما، فإن ما أسميناه المقطع الثالث يكون استمرارا للمقطع الثاني، وتكون السورة على هذا مؤلفة من مقدمة ومقطعين، وسنرى تفصيل هذا كله إن شاء الله تعالى.
فوائد [حول آيات المقطع]:
١ - [كلام صاحب الظلال حول آية وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ]
بمناسبة قوله تعالى: وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ. يقول صاحب الظلال:(ونص هذه الآية هنا يحتمل أحد مدلولين:
أن هذا القرآن تذكير لك ولقومك تسألون عنه يوم القيامة، فلا حجة بعد التذكير. أو أن هذا القرآن يرفع ذكرك وذكر قومك. وهذا ما حدث فعلا.
فأما الرسول صلّى الله عليه وسلم فإن مئات الملايين من الشفاه تصلي وتسلم عليه، وتذكره ذكر المحب المشتاق آناء الليل وأطراف النهار منذ قرابة ألف وأربعمائة عام. ومئات الملايين من القلوب تخفق بذكره وحبه منذ ذلك التاريخ البعيد إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
وأما قومه فقد جاءهم هذا القرآن والدنيا لا تحس بهم، وإن أحسّت اعتبرتهم على هامش الحياة. وهو الذي جعل لهم دورهم الأكبر في تاريخ هذه البشرية. وهو الذي واجهوا به الدنيا فعرفتهم ودانت لهم طوال الفترة التي استمسكوا فيها به. فلما أن تخلّوا عنه أنكرتهم الأرض، واستصغرتهم الدنيا؛ وقذفت بهم في ذيل القافلة هناك، بعد أن كانوا قادة الموكب المرموقين!.
وإنها لتبعة ضخمة تسأل عنها الأمة التي اختارها الله لدينه، واختارها لقيادة القافلة البشرية الشاردة، إذا هي تخلّت عن الأمانة: وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ .. ).
أقول: في هذه الآية تذكير للعرب الذين هم الآن أكثر شعوب المسلمين تركا