في قوله تعالى: لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ مفتاح من مفاتيح السياق، فالعمل الصالح أحد مواضيع السورة الرئيسية الموجودة في المحور، وهذه الآية التي استقر عليها سياق المجموعة التي بين أيدينا، تدل على ذلك، ثم إن هذه الآية تشكل التهديد الثالث في هذا السياق للذين قلوبهم في غمرة عن الحق، ويعملون السيئات.
[فوائد]
١ - بمناسبة قوله تعالى مَنْ رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ينقل ابن كثير نقولا حول العرش قال:(كما جاء في الحديث الذي رواه أبو داود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «شأن الله أعظم من ذلك إن عرشه على سماواته هكذا» وأشار بيده مثل القبة، وفي الحديث الآخر:«ما السماوات السبع والأرضون السبع وما بينهن وما فيهن في الكرسي إلا كحلقة ملقاة في أرض فلاة، وإن الكرسي بما فيه بالنسبة إلى العرش كتلك الحلقة في تلك الفلاة» ولهذا قال بعض السلف: إن مسافة ما بين قطري العرش من جانب إلى جانب مسيرة خمسين ألف سنة، وارتفاعه عن الأرض السابعة مسيرة خمسين ألف سنة. وقال الضحاك عن ابن عباس: إنما سمي عرشا لارتفاعه، وقال الأعمش عن كعب الأحبار: إن السماوات والأرض في العرش كالقنديل المعلق بين السماء والأرض. وقال مجاهد: ما السماوات والأرض في العرش إلا كحلقة في أرض فلاة. وقال ابن أبي حاتم: عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: العرش لا يقدر قدره أحد، وفي رواية إلا الله عزّ وجل).
٢ - وبمناسبة قوله تعالى مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ ذكر ابن كثير دليل التمانع الذي يتحدث عنه المتكلمون قال: (وعبروا عنه بدليل التمانع وهو أنه لو فرض صانعان فصاعدا، فأراد واحد تحريك جسم، والآخر أراد سكونه، فإن لم يحصل مراد كل واحد منهما كانا عاجزين، والواجب لا يكون عاجزا، ويمتنع اجتماع مراديهما للتضاد، وما جاء هذا المحال إلا من فرض التعدد فيكون محالا، فأما إن حصل مراد أحدهما دون الآخر كان الغالب هو الواجب، والآخر المغلوب ممكنا، لأنه لا يليق