للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمكروهات، وبعض المباحات) ذلِكَ أي إيراث الكتاب هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ دلّ على أن إرث الكتاب فضل عظيم

جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها أي الفرق الثلاث، فالأوّلون يدخلونها بعد أن يمحّصوا، والتالون يدخلونها بعد أن يحاسبوا حسابا يسيرا. والآخرون يدخلونها بلا حساب ولا عذاب. وسنرى دليل ذلك في الفوائد يُحَلَّوْنَ فِيها أي يلبسون فيها الحليّ مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً أي يلبسون فيها الأساور الذهبية واللؤلؤ وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ لما فيه من البهجة والزينة

وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ أي خوف النار، أو خوف الموت، أو هموم الدنيا. قال ابن كثير: وهو الخوف من المحذور أزاحه عنا، وأراحنا مما كنا نتخوّفه، ونحذره من هموم الدنيا والآخرة. إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ يغفر الجنايات وإن كثرت شَكُورٌ يقبل الطاعات وإن قلّت. قال ابن كثير: قال ابن عباس وغيره:

غفر لهم الكثير من السيئات، وشكر لهم اليسير من الحسنات

الَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ أي الإقامة لا نبرح منها ولا نفارقها مِنْ فَضْلِهِ أي من عطائه وإفضاله لا باستحقاقنا لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ أي تعب ومشقة وَلا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ أي إعياء من التعب وقترة. قال ابن كثير: أي لا يمسنا فيها عناء ولا إعياء. ولما ذكر الله تبارك وتعالى حال السعداء شرع في بيان حال الأشقياء فقال:

وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذابِها أي لا يقضى عليهم بموت ثان فيستريحون، ولا يخفف عنهم من عذاب نار جهنم كَذلِكَ أي مثل ذلك الجزاء نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ أي هذا جزاء كل من كفر بربه وكذّب الحق

وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيها أي ينادون فيها أي يجأرون إلى الله عزّ وجل بأصواتهم، والاصطراخ: هو الصياح بجهد ومشقّة رَبَّنا أَخْرِجْنا أي من النار نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أي ردنا إلى الدنيا نؤمن بدل الكفر، ونطيع بعد المعصية فيجابون أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ. قال النسفي: (وهو متناول لكل عمر تمكن فيه المكلف من إصلاح شأنه، وإن قصر، إلا أن التوبيخ في المتطاول أعظم) وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ أي الرسول فَذُوقُوا أي العذاب فَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ أي من ناصر يعينهم. قال ابن كثير: (أي فذوقوا عذاب النار جزاء على مخالفتكم للأنبياء في مدة أعماركم؛ فما لكم اليوم ناصر ينقذكم مما أنتم فيه من العذاب والنّكال والأغلال).

<<  <  ج: ص:  >  >>