مجموعة من الحكم العظيمة المرتبطة بسياق السورة العام، فهي من ناحية درس للنصارى الذين نقضوا عهد الله وميثاقه، ودرس للصادقين المهتدين، فإذا كان محور السورة يتحدث عما به يكون الضلال وعمّا به تكون الهداية، وإذا كانت السورة تحريرا من أسباب الضلال وتحقيقا بأسباب الهداية، فمن خلال هذا العرض لمشهد من
مشاهد يوم القيامة نعرف طريق الله، ونعرف ضلال الضالين، ونعرف طريق النجاة، وفيما سيأتي مزيد من البيان لهذه المعاني:
[المعنى الحرفي]
يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ الخطاب للمؤمنين أن يتذكروا أو يحذروا هذا اليوم الذي يجمع الله الرسل ويوجه لهم فيه الخطاب فَيَقُولُ ماذا أُجِبْتُمْ. أي: ما الذي أجابتكم به أممكم حين دعوتموهم إلى الإيمان، وفي السؤال توبيخ لمن أنكرهم قالُوا لا عِلْمَ لَنا يحتمل أنهم قالوا ذلك تأدّبا: علمنا ساقط مع علمك سبحانك، ومغمور به فكأنه لا علم لنا، ويحتمل أن يكون المراد: لا علم لنا بإخلاص قومنا فأنت وحدك تعلم الظاهر والباطن، ويحتمل أن يكون المراد: لا علم لنا بما أحدثوا بعدنا، ويحتمل أن يكون هول الموقف دعاهم إلى البراءة من علمهم، وهذا هو الذي يجمع فيه بين قولهم هذا وشهادتهم على أقوامهم. قال السدي: نزلوا منزلا ذهلت فيه العقول، فلما سئلوا قالوا: لا علم لنا، ثم نزلوا منزلا آخر فشهدوا على قومهم، رواه ابن جرير إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ نفوا علمهم، ووصفوا الله بالعلم الكامل المحيط بكل شئ. ومن ذلك الغيوب كلها
إِذْ قالَ اللَّهُ. أي: في ذلك اليوم الذي يجمع فيه الرسل يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى والِدَتِكَ حيث طهرتها واصطفيتها على نساء العالمين إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ. أي: إذ قوّيتك بجبريل عليه السلام، أيّد به لتثبت الحجة عليهم، ويحتمل أن يكون المراد بروح القدس الكلام الذي يحيا به الدّين وأضافه إلى القدس لأنه سبب الطهر من أوضار الآثام، فالقدس الطهر تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ. أي: تكلّم الناس طفلا إعجازا وَكَهْلًا. أي: وكبيرا تبلّغ النّاس دعوة الله وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتابَ فسّرها بعضهم بالكتابة والخط، وتحتمل مطلق الكتاب أي جنسه، وتحتمل ما أطلعه الله عليه من غيوب اللوح المحفوظ وتحتمل ما افترضه الله على عباده وَالْحِكْمَةَ. أي: الكلام المحكم الصّواب، الموافق لمقتضى الحال، والمناسب للمقام وَالتَّوْراةَ كتاب موسى عليه السلام وَالْإِنْجِيلَ كتابه