مواصفات هؤلاء الذين يقيمون دين الله. ويجتمعون عليه. وبعد أنّ بيّن الله- عزّ وجل- ذلك، فإنّه- جل جلاله- يبيّن في الفقرة الثانية وضع الظالمين.
[تفسير الفقرة الثانية من المجموعة الثالثة]
وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ أي: فما له من أحد يلي هدايته من بعد إضلال الله إياه، وما له من أحد يمنعه من عذاب الله في الدنيا وفي الآخرة وَتَرَى الظَّالِمِينَ يوم القيامة لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ أي: حين يرون العذاب يَقُولُونَ هَلْ إِلى مَرَدٍّ أي: رجوع إلى الدنيا مِنْ سَبِيلٍ أي: من طريق نفعله لنرجع ونؤمن وهيهات فلا عودة ولا رجوع
وَتَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها أي: على النار خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ أي: متضائلين متقاصرين ممّا يلحقهم من الذلّ يَنْظُرُونَ إلى النار مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ أي: ضعيف بمسارقة. قال ابن كثير: أي ينظرون إليها مسارقة خوفا منها، والذي يحذرون منه واقع بهم لا محالة، وما هو أعظم في نفوسهم، أجارنا الله من ذلك. وَقالَ الَّذِينَ آمَنُوا أي: يقولون يوم القيامة إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ قال ابن كثير: أي ذهب بهم إلى النار فعدموا لذّتهم في دار الأبد، وخسروا أنفسهم، وفرّق بينهم وبين أحبابهم وأصحابهم وأهاليهم وقراباتهم، فخسروهم أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذابٍ مُقِيمٍ أي: دائم سرمدي أبدي، لا خروج لهم منه ولا محيد لهم عنه
وَما كانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِياءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أي: ينقذونهم مما هم فيه من العذاب والنكال وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ سَبِيلٍ أي: ليس له طريق إلى النجاة، أي: ليس له خلاص.
كلمة في السياق:[الفقرة الثانية حول التشابه بين بدايتها ونهايتها]
نلاحظ أن هذه الفقرة بدأت بقوله تعالى: وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ وختمت بقوله تعالى: وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ سَبِيلٍ، لاحظ التشابه بين البداية والنهاية.
وبعد هذه الجولة الطويلة في المقطع، وكلها إقناع بضرورة الاستجابة لدين الله وشرعه، تأتي الآن فقرة تأمر بشكل مباشر بالاستجابة لشرع الله ودينه.