للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك قال له سعد بن معاذ: والله لكأنك تريدنا يا رسول الله؟ قال:

«أجل» فقال: لقد أمنا بك وصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، وأعطيناك علي ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة، فامض يا رسول الله لما أمرك الله، فو الذي بعثك بالحق إن استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك. ما يتخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدا، إنا لصبر عند الحرب، صدق عند اللقاء، ولعل الله يريك منا ما تقربه عينك، فسر بنا على بركة الله، فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقول سعد، ونشطه ذلك ثم قال: «سيروا على بركة الله، وأبشروا فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين والله لكأني الآن انظر إلى مصارع القوم» ..

[المعنى الحرفي]

كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ أي من دارك في المدينة، أو من المدينة نفسها لأنها مهاجرة ومسكنه فهي في اختصاصها كاختصاص البيت بساكنه بِالْحَقِّ أي إخراجا ملتبسا بالحكمة والصواب وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ أي: أخرجك في حال كراهتهم، وإنما كانت كراهتهم كراهة طبع، لأنهم غير مستعدين نفسيا، ولهم ظاهر حجة، وهي أنهم غير متأهبين

يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ الحق الذي جادلوا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم تلقي الجيش لإيثارهم عليه تلقي العير والقافلة، وجدالهم من مثل قولهم ما كان خروجنا إلا للعير، وهلا قلت لنا لنستعد، وذلك لكراهتهم للقتال بَعْدَ ما تَبَيَّنَ أي يجادلونك بعد إعلامك إياهم بأنهم ينصرون، أي بعد ما تبين لهم الحق في القتال، ووعدوا النصرة فيه بقوا يجادلون كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ شبه حالهم في فرط فزعهم وهم يسار بهم إلى الظفر والغنيمة، بحال من يحمل إلى القتل ويساق على الصغار إلى الموت، وهو مشاهد لأسبابه ناظر إليه لا يشك فيها، وإنما كان خوفهم لقلة العدد، وأنهم كانوا رجالة، وما كان فيهم إلا فارسان، فهذه حالة كره فيها المسلمون القتال، وكان في القتال كل الخير للإسلام والمسلمين.

[فوائد]

١ - كنا ألقينا في المدينة المنورة محاضرة تحت عنوان «عبرة بدر» بينا فيها قوانين النصر المادي، وقوانين النصر الرباني، ورأينا كيف أن الله ينصر المؤمنين إذا شاء

على تخلف بعض أسباب النصر المادية، من تكافؤ بالعدة والعدد، وكيف أن معركة بدر هي

<<  <  ج: ص:  >  >>