تسلسلا متواليا بل أن يفهم على أنه في سبت من السبوت تم خلق التربة ثم في أحد من أيام الأحد فيما بعد تم خلق الشجر، والملاحظ أن هذا النص إذا فهم في إطاره الحرفي وعلى أنه تفسير للأيام الستة فإنه لا يتفق مع القرآن، ولا حتى مع رواية ما يسمى الآن بالتوراة، لأن التوراة المحرفة الحالية تزعم أن الله فرغ من الخلق يوم الجمعة، وأنه لم يعمل شيئا يوم السبت، وعلى كل فقد رأيت ترجيح المحدثين لاعتبار النص كتابيا وليس حديثا شريفا. وهناك نص عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه
وكان قبل إسلامه من أحبار اليهود يقول:«إن الله بدأ الخلق يوم الأحد فخلق الأرضين في الأحد والاثنين وخلق الأقوات والرواسي في الثلاثاء والأربعاء وخلق السموات في الخميس والجمعة وفرغ في آخر ساعة من يوم الجمعة». ولنا على هذه الرواية أكثر من عودة فالأمر يحتاج إلى بحث طويل ولنا عنده وقفات.
[٤ - فصول شتى]
[فصل في السموات]
هناك ألفاظ لها في الأصل معانيها اللغوية، ويعطيها الشارع معان شرعية، وأحيانا يستعملها الشارع بمعناها اللغوي، وأحيانا بمعناها الشرعي الخاص الذي أعطاها إياه، وهذا يقتضي دقة في الفهم عن الشارع. مثال ذلك: كلمة السماء فهي في أصل اللغة تدل على العلو، والشارع يستعملها أحيانا بهذا المعنى، ثم هي في هذا المعنى تستعمل للدلالة على العلو القريب وأحيانا على العلو كله، والشارع حدثنا عن السموات السبع وهي من حيث إنها في جهة العلو تتفق مع أصل الوضع اللغوي، ولكنها في اصطلاح الشارع تدل على شئ بعينه من مجموع هذا العلو.
في مجموع هذه الأمور زلت أقدام وتزل أقدام ويقع خطأ كبير، وفي المقطع الذي مر معنا وردت كلمة السماء أربع مرات: وَالسَّماءَ بِناءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً، ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ وفي اجتهادي أن اللفظ الأول للسماء في الآية الأولى يراد به جهة العلو كلها، واللفظ الثاني للسماء في نفس الآية يراد به السماء القريبة أي:
منطقة تشكل السحاب. وأما اللفظ الأول للسماء في الآية الثانية فهو يوافق اللفظ الأول لها في الآية الأولى وأما السموات السبع فيراد بها السموات في الاصطلاح الخاص. بعد هذا العرض السريع لهذا الموضوع فلنتحدث عن بعض مقولات علماء الطبيعة في عصرنا:
يقدر علماء الطبيعة أن عمر مجرتنا التي تشكل مجموعتنا الشمسية جزءا منها حوالي